| مرسال الترس |
على الرغم من أن لغة الحرب هي المتصدرة في الإعلام، إلاّ أنه يجب عدم إغفال ما يحصل في كواليس الاتصالات السياسية المتعلقة ـ بشكل أو بآخر ـ بالاستحقاق الرئاسي “المصلوب” على خشبة الفراغ منذ اثنتين وعشرين شهراً، من دون أفق يوحي بإمكانية الوصول إلى انتخابات خارج الحوار الذي حدّد معالمه الرئيس نبيه بري، لا بل إن البعض مصرٌ على ربطها بالحرب على قطاع غزة.
ولكن رغم كل هذا المشهد السوداوي، تلوح في الأفق، بين مرحلة وأخرى، ملامح اتصالات، منها السري ومنها المعلن، تشير إلى أن المعنيين بالملف الرئاسي لا ينامون على ضيم الفراغ، بل يقتنصون الفُرص والمناسبات لفتح ثغرات في جدار الأزمة، بهدف تسجيل اختراقات محددة تساعد على تعديل النتيجة التي خرجت بها آخر جلسة انتخابية لرئاسة الجمهورية، والتي جاءت نتائجها 59 صوتاً للوزير السابق جهاد أزعور، و51 صوتاً لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.
وفي هذا السياق، توقف المتابعون للاتصالات واللقاءات عند محطتين سُجلتا في الأسابيع والأيام الماضية، عكستا تلك الحركة الخفّية التي ترافقت مع انشقاقات ملموسة، وعمليات طرد، لبعض النواب عن كتلة “لبنان القوي” التي تمثّل “التيار الوطني الحر” الذي كان يُصّر على أن كتلته هي الأكبر في التمثيل المسيحي، ويأخذ عليه حزب “القوات اللبنانية” ذلك الإدعاء.
فزيارة عضو “التكتل الوطني المستقل” النائب طوني فرنجية لمحافظة عكار، والتنزه عبر الطرقات الجبلية بالتنسيق مع منسق “تكتل الاعتدال” النائب السابق هادي حبيش، قبل أسبوعين لم تكن بالصدفة أو بنت ساعتها، وبخاصة أنها تكللت بزيارة لأحد محاور ذلك التكتل النائب وليد البعريني، وما رافقها من كلام منمّق، وهي ليست بالأمر العابر، لأن العلاقة بين فرنجية الأب والبعريني الابن كانت قد مرّت بظروف صعبة، سُجلت خلالها فجوة واسعة في الاتصالات، لتأتي الزيارة فتفتح صفحة جديدة، لا بد أن تكون لها ارتداداتها في أي انتخابات رئاسية مقبلة، وبخاصة ان فرنجية الأب كان قد لمّح في أكثر من موقف سياسي له إلى أن هناك أصواتاً نيابية تنتظر التطورات والمستجدات لتعبر عن رأيها. وقد كان البعريني، في فترة محددة، في مقلب بعيد عن أجواء فرنجية وخطه الثابت. بينما تردّد أن بعض أعضاء “تكتل الاعتدال” ليسوا بعيدين عن دعم ترشيح فرنجية الأب.(ولكن بين هذه وتلك، كانت لافتة زبارة البعريني للسفير السعودي وليد البخاري مطلع هذا الأسبوع.
أما المحطة الثانية فكانت عن لقاء يقال أنه حصل في بلدة حراجل الكسروانية، وربما الصدفة خير من ميعاد، مع النائب “المطرود” من “التيار البرتقالي” ألان عون بموافقة خاله مؤسس “التيار” الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون، حيث يتصاعد الحديث عن احتمال تشكيل ألان مع زميليه النائبين سيمون ابي رميا وابراهيم كنعان تكتلاً مستقلا، أو إذا نجحت مساعي النائب نعمة افرام في اشراكهم بما يحضّر له من تركيبة نيابية مستقلة!
وبكل الظروف، فان أي بحث بين فرنجية الابن وألان عون، لن يكون بعيداً عن التقاطعات السياسية القائمة، وبخاصة أن معلومات موقع “الجريدة” قد تحدثت عن بضعة لقاءات حدثت في الفترة الأخيرة بين فرنجية وعون وفرنجية وأبي رميا، ستشكل بدون أدنى إنطلاقة جديدة بعيدة عن التقاطعات السابقة!