| لينا فخر الدين |
مسلسل التعدّي على الأملاك العامّة المستمر حوّل عقارات تملكها بلدية بيروت إلى «ملكيّات خاصّة»، إما كرمى لمرجعيات سياسية تغطي المعتدين أو بـ«السلبطة». وآخر «الفنعات» تسليم عقارات إلى أصحاب مولّدات خاصة مُقابل مبالغ زهيدة تُدفع للبلديّة… أو حتّى من دون مقابل.آخر هذه التعدّيات في منطقة الأشرفية، بعدما قرّر مدير سابق في إذاعة «صوت لبنان» العمل في مجال المولدات.
وبعدما «شغّل» علاقاته لتحصيل إذن من المحافظ بإشغال عقار تابع للبلدية مُلاصق لجامعة AUST، لم يكتفِ بوضع المولّدات، بل قام بفك جزء من الحاجز الحديدي عند جادة ألفرد نقاش وصب الأرضيّة بالباطون لتأمين دخول شاحنات المازوت وخروجها، ووزّع محسوبين عليه لحماية المكان، وهو ما دفع بنائب رئيس مجلس بلدية بيروت، إيلي اندريا، إلى إرسال كتابٍ إلى أمانة المجلس يسأل عمّا «إذا كانت هذه الأعمال تجري بعلم البلدية وموافقتها، وهل تنفذ لمصلحة جهة خاصة؟ وفي حال كانت هذه الأعمال تجري لمصلحة خاصة هل استوفت الإدارة البلديّة رسوم الإشغال المتوجّبة قانوناً؟ وهل وردت معاملة في هذا الخصوص إلى المجلس للموافقة عليه؟».
لا إجابة رسميّة على أسئلة أندريا بعد. إذ إن الجلسة الأخيرة للمجلس البلدي لم تُعقد أصلاً. غير أن الردود غير الرسميّة تُشير إلى أن صاحب المولّدات محمي سياسيّاً، ما جعله يتصرّف بالعقار كما يشاء.
الأمر نفسه حصل مقابل «سنتر سوديكو سكوير» في منطقة السوديكو، حيث زُرعت حديقة عامة صغيرة تابعة للبلدية بـ 6 مولدّات خاصة، اثنان منها لمطعم ومحل حلويات واثنان آخران ضخمان مع خزانات مازوت لأحد موزّعي اشتراكات الكهرباء، الذي رفض مُطالبات سكّان المنطقة بالتقيّد بتركيب فلاتر وكواتم صوت. وتبيّن لدى مراجعة البلدية أن دائرة المؤسسات المُصنّفة، بموافقة من المحافظ القاضي مروان عبود، أعطت إذناً لصاحب المولدين باستخدام مساحة لا تتعدّى الـ10 أمتار مربعة من العقار، إلا أنه تعدّى على المساحة المتبقية من دون تسديد أي مستحقات للبلدية.
جمعية مالكي «سوديكو سكوير» (نحو 100 شخص) رفعت شكوى إلى عبود قبل يومين عبر المحامي ملحم نجم، أوضحت فيها أن «الحديقة الخضراء يبست فيها المزروعات جراء دخان المولّدات التي تبث السموم في الهواء وعلى الشقق والمكاتب في السنتر». وأرسل المحافظ كتاباً إلى مصلحة المؤسسات المُصنّفة في البلدية أشار فيه إلى أنّ صاحب المولّدات «وضع مولدات مع خزانات مازوت في الأملاك العامّة للبلدية من دون ترخيصٍ قانوني»، ولم يمتثل إلى الإنذار الموجّه إليه بإزالة الإشغال أو التقدّم بطلب الاستحصال على ترخيص قانوني، كما «تخلّف عن تسديد رسم إشغال الأملاك العموميّة»، وطلب «ختم المولدات بالشمع الأحمر».
وإذا كان شاغلو «سوديكو سكوير» نوّهوا بـ«إنجاز» المحافظ، غير أنّهم شكّكوا في قدرة شرطة البلدية على تنفيذ القرار، أو الذهاب إلى النهاية بإزالة المولّدات خصوصاً أن ذلك سيؤدي إلى انقطاع التيّار الكهربائي عن المنطقة، وهي الذريعة التي تستخدم غالباً للتغاضي عن تنفيذ مثل هذه القرارات. وما يزيد من شكوكهم هو أنّ القرار ما زال يقبع عند رئيس دائرة السير برنارد أبي عكر، وسط تخوّف من تدخّلات تحصل في هذا الملف.