تصوير عباس سلمان

ملف النازحين السوريين: خطة حكومية جديدة بمسارات وهمية

جريدة الأخبار

| رلى ابراهيم |

تناقش الحكومة في جلستها اليوم ما سمّته «تيويم الخطوات والإجراءات المتعلقة بملف النازحين السوريين في لبنان»، وهي خطة أعدّها فريق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتضاف إلى عشرات غيرها، وكأنّ المشكلة في طبع مزيد من الأوراق وليس في تطبيق ما يُكتب واتخاذ موقف حازم من المجتمع الدولي، وخصوصاً مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.أعدّ ميقاتي ورقة دمج فيها خطة الحكومة السابقة وتوصية مجلس النواب حول موضوع النازحين (جلسة 15 أيار) ليعرضها على الوزراء ويُصار إلى مناقشة النقاط الخمس الواردة فيها.

وأشار رئيس الحكومة في مقدّمة الورقة إلى أن النازحين يمثّلون 44% من السكان، ويتوقع تزايدهم في ضوء نسبة الولادات العالية (60% من مجمل الولادات) واستمرار الدخول غير الشرعي إلى الأراضي اللبنانية. وبرّر إعداد الورقة بإبلاغ جهات مانحة كالمفوّضية واليونيسف بعض الوزارات نيتها تقليص حجم الدعم للنازحين (في الصحة والتعليم وغيرهما)، لافتاً إلى تغيّر في الموقف الدولي، وتحديداً موقفي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، تجاه مساعدة لبنان والاستعداد للعمل مع الحكومة اللبنانية لتحديد مجالات التعاون من أجل تحقيق نتائج ملموسة، وهو ما دفع الحكومة إلى عقد اجتماعات ونقاشات وزارية لدرس سبل إدارة الوجود السوري وتأمين عودة النازحين إلى بلادهم.

واقترح ميقاتي مسارات لإيجاد حلّ لمسألة النازحين، الأول بعنوان «مسألة البيانات والتحديد القانوني». وفي هذا السياق تطالب الحكومة اللبنانية مجدداً (أو بالأحرى تستجدي) مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالالتزام بمندرجات مذكّرة التفاهم الموقّعة عام 2003 بينها وبين المديرية العامة للأمن العام، بتسليم البيانات كاملة، رغم عدم تجاوب المفوّضية مع هذه المطالب المتكررة منذ عامين على الأقل. ومجدداً، وضع رئيس الحكومة خطة «ب» في حال تخلف المفوّضية عن التعاون، تنص على احتفاظ الحكومة بحقها باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المفوّضية وبدء جمع البيانات الخاصة بالسوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية بنفسها.

وهو ما يقود إلى تصنيفهم ضمن فئات للتعامل مع كل وضع على حدة. فثمة فئة تضم الأفراد الذين يتنقّلون ذهاباً وإياباً عبر الحدود والذين عملت المفوّضية على تجميد صفتهم كلاجئين أو إسقاط هذه الصفة عنهم في أنظمتها عند الإبلاغ عنهم. وثمة إجراء خاص يتعلق بالهوية القانونية وتجديد الإقامات بغية ضمان نظام قوي يحمي الإقامة القانونية في لبنان، وبتصنيف السوريين بين نازحين اقتصاديين أو طالبي لجوء إلى بلد ثالث. ورغم تشديد المجتمع الدولي على ضرورة منع الهجرة غير الشرعية وإعادة المهاجرين إلى البلد الذي انطلقوا منه وتكليف الجيش بهذه المهمة، يشير رئيس الحكومة إلى ضرورة عدم السماح بإعادة دخول الهاربين عبر البحر بطريقة غير شرعية كما الذين يدخلون الأراضي السورية بطريقة غير شرعية، على أن يصار إلى ترحيلهم.

تتمحور النقطة الثانية في «خارطة الطريق» حول عودة النازحين (2.8 مليون) إلى سوريا، وما يرتّبه ذلك من أعباء وتحديات اقتصادية ومالية، خصوصاً أن 886 ألفاً فقط من هؤلاء مسجّلون لدى المفوّضية.

وهنا يتفرع مسار العودة إلى عدة مسارات، مع إشراك الجهات الفاعلة (وزارات الخارجية والداخلية والمهجّرين والمديرية العامة للأمن العام ومفوّضية اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر) في كيفية إزالة العوائق أمام العودة الآمنة وضمان سلامة العائدين من قبل الحكومة السورية، أو ضرورة تعزيز مساهمات الجهات المانحة في مجال التعافي المبكر في مناطق العودة لخلق ظروف مؤاتية لهم. ويفترض بحسب النقطة الثالثة حُسن إدارة الحدود اللبنانية – السورية لضمان تعزيز الرقابة وحشد المساعدات الدولية الرامية إلى تنفيذ قانون مكافحة الإتجار بالبشر والعمل على أنظمة مكافحة التهريب، وهو ما يتطلب تنفيذ المجتمع الدولي وعوده بتأمين التجهيزات والمساعدات الفنية والتقنية والمالية اللازمة لضبط الحدود وحصر حركة الدخول عبر المعابر الشرعية. أما النقطة الرابعة فتتحدث عن تقديم المساعدات لدعم جميع الفئات الضعيفة بمن فيها النازحون، والنقطة الخامسة حول تحديد الإطار القانوني لفرص العمل.

تأتي الخطة الجديدة في ظل استمرار الضغوط الدولية على لبنان لعدم الإقدام على أي خطوات لترحيل النازحين طوعاً أو كرهاً، وهو ما سمعه قائد الجيش العماد جوزف عون بوضوح لدى زيارته لواشنطن قبل شهرين، ما يثير تساؤلات حول جدوى خطة كهذه وربطها بمسارات غير قابلة للتحقّق. فيما يدرك رئيس الحكومة أن أولى الخطوات لإعادة النازحين تكون بشدّ ركابه أمام الضغوط الأوروبية والأميركية، بدءاً بالتواصل مع دمشق، بدل إعداد مزيد من الأوراق والتوصيات تبقى حبراً على ورق.