قدمت الجمعّيّة اللبّنانيّة لحقوق المكلفّين (ALDIC) تقريرها حول الإدارة المالّيّة العامة في البلاد (Assessment of Lebanon’s Public Financial Management)، ضمن التمويلات الفرعية لمشروع “بناء ‘BINA” التي يوفرها الاتحاد الأوروبي، وذلك تحت إدارة الأمانة العامة لمنظمة الشفافية الدولية وجمعية الشفافية الدولية- لبنان، لأعضاء شبكة القطاع الخاص اللبناني (LPSN) وأعضاء جمعية الصناعيين اللبنانيين، وقد حضر الجلسة رئيسة جمعية (ALDIC) المحامية كارين طعمه، بالإضافة الى أعضاء الهيئة الإدارية، المحامي كريم ضاهر والسيد نديم ضاهر، منسقة الجمعية لمشروع بناء السيدة رشا سعادة شهاب وخبير إدارة المالية العامة السيد اسكندر البستاني.
وقد أطلقت أعمال الجلسة السيدة رشا سعادة شهاب، مديرة مشروع ‘BINA’ في ALDIC، بتقديم نظرة عامة حول المبادرة التي تركز على أهمية تحسين النظام المالي العام في لبنان وتنفيذ الإصلاحات اللازمة، والتي يمولها الاتحاد الأوروبي والتي تديرها في مرحلتها الثانية منظمة الشفافية الدولية.
وشرحت أنّ الهدف من الاجتماع هو مناقشة الإدارة المالية العامة وتقديم نتائج التقرير الذي أعد في المرحلة الأولى من المشروع، موضحة أن الجمعية تلتقي جميع النواب والكتل البرلمانية للاتفاق على الإصلاحات اللازمة والتقدم نحو مراحل جديدة من المشروع، مع اعطاء أولوية للقاء ممثلي القطاع الخاص وأصحاب المصالح الآخرين. وفي النهاية، اختتمت بدعوة الحاضرين لتقديم اقتراحاتهم، آملة الانتقال إلى الخطوة التالية في هذه المسيرة الطويلة.
و من جهته، قدّم السيد نديم ضاهر نظرة عامة على نشأة جمعية ALDIC وأهدافها الأساسية، والتي تركز على تنفيذ الإصلاحات في مجال الإدارة المالية العامة وتحسين نظام الضرائب في لبنان وذلك لضمان العدالة والكفاءة. وشدد على الإنجازات الهامة لـ ALDIC وتناول المعتقدات الخاطئة وانتقد الممارسات غير المرغوب فيها والفساد المترسخ في البلاد. وشرح جهود الجمعية في زيادة الوعي في مجال الضرائب والإدارة المالية العامة ومكافحة الفساد وترشيد الإنفاق، مشيرًا إلى أهمية التعاون مع منظمات مثل TPI حيث شدد على عزم الجمعية على تحقيق هذه الأهداف.
كما أوضح أنشطة الجمعية التي تشمل الرقابة والتوعية من خلال الإعلام حول المخالفات المتعلقة بالضرائب والفساد في المالية العامة والإدارة، بالإضافة إلى تطوير الأنظمة المالية والضرائبية في لبنان.
بدوره، أشار السيد اسكندر البستاني إلى أن إدارة المالية العامة (PFM) تشمل القوانين والمنظمات والأنظمة والإجراءات اللازمة في إطار تأمين الموارد واستخدامها بفعالية وكفاءة وشفافية. وأوضح أن منهجية التقرير المنشور اعتمدت على مقاربة إطار المساءلة المالية العامة (PEFA)، الذي يهدف إلى تقييم الادارة المالية بالاعتماد على ستة أبعاد رئيسية بما في ذلك، المصداقية، الشفافية والشمولية في المالية العامة، إعداد الموازنة على أساس السياسات وتنفيذها، المحاسبة والإبلاغ، والفحص الخارجي والتدقيق.
كما أكد البستاني على أن الإصلاح في لبنان يتطلب تحسين هذه الجوانب لضمان استقرار وشفافية المالية العامة وتجنب الفساد والهدر. وشدد على أهمية تحسين مصداقية الموازنة عبر تخطيط واقعي وافتراضات معقولة، وتعزيز الشفافية والشمولية من خلال تصنيفها بطرق حديثة وربط أهداف السياسات العامة ببنود الانفاق والخطط التمويلية. كما لفت الى ضرورة الالتزام بإعداد ومراجعة الموازنة في المواعيد الدستورية والتنظيمية، وتحسين الرقابة والإدارة الضريبية ومراقبة الإنفاق غير المبلغ عنه وتعزيز الشفافية في التقارير المالية، وأهمية تعزيز قدرات ديوان المحاسبة اللبناني وذلك لضمان مراجعة موثوقة وعادلة للمالية العامة.
و في السياق نفسه، أوضح البستاني أن إصلاح الإدارة العامة يلعب دوراً أساسياً في استعادة الاستقرار والانتظام المالي في لبنان. وأشار إلى ضرورة إصلاح الموازنة العامة واعتماد قانون أساسي أو تنظيمي للموازنة التي افتقدها لبنان خلال السنوات الخمس الماضية. كما أكد على أهمية وضع خطة متوسطة الأجل، كونها تعطي إشارة إيجابية للجهات المانحة التي تربط دعمها بالتزام لبنان بسياسة مالية متوسطة الأمد قابلة للاستدامة، وصياغة إطار شامل لإدارة الاستثمارات العامة في البلاد نظراً لأهمية هذا القطاع وتعرضه للفساد والهدر. وأخيراً، أكد على ضرورة تنظيم قطاع الشركات المملوكة من الدولة واحتواء المخاطر المالية الناتجة عنها.
ناقش أعضاء LPSN و ALI قضايا حيوية متعلقة بالاستقرار الاقتصادي، بما في ذلك تحديات جمع الضرائب، والاقتصاد غير الشرعي، والحاجة إلى تبني اللامركزية والمساءلة. وقد شددوا على أهمية الانتقال من التقييم إلى التنفيذ لتجاوز حالة عدم الفعالية والدفع قدما لتنفيذ الإصلاحات الهامة.
بالإضافة الى ذلك، شملت المناقشات تحقيق الشفافية في الموازنة، ومعالجة الأموال غير المراقبة، وضمان تطبيق الإصلاحات الاقتصادية بشكل عادل. كما تم تسليط الضوء على أهمية التحول الرقمي، وتحسين الأمن الصحي والاجتماعي. علاوة على ذلك، ركز الاجتماع على التعاون البناء والضغط الاجابي لتحقيق الأهداف المشتركة والحاجة إلى مشاريع استراتيجية متوافقة مع القانون لتعزيز النمو الاقتصادي وتنفيذ السياسات بفعالية.
وفي هذا المجال، أعرب أعضاء LPSN و ALI عن اهتمامهم الكبير بالمواضيع التي نوقشت، وخصوصًا بشأن إمكانيات التعاون لتنفيذ الإصلاحات المقترحة. واختتم الاجتماع بالتأكيد على ضرورة استمرار المشاورات وصياغة استراتيجيات عملية لتطبيق هذه الإصلاحات. كما أكدت الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين (ALDIC) استعدادها للتعاون مع الأعضاء لتحقيق التقدم المطلوب والأهداف المرجوة.
وقد هدف الاجتماع، الذي يأتي في إطار اجتماعات سابقة والذي سوف يستتبع بلقاءات أخرى متواصلة إلى التّنسيق والتّعاون وخلق تأثير إيجابي بغية تطبيق الإصلاحات وإعادة النّهوض بالاقتصاد الوطني.
نبذة عن الجمعّيّة
تأسّست الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين ALDIC عام 2012، وهي تُعنى بتعزيز المواطنة وترسيخ الأخلاقيات الضريبية من خلال الامتثال والالتزام ونشر المعرفة وتوعية المواطن حول حقوقه وواجباته، بالإضافة الى تسليط الضوء على أهمّيّة النظام الضريبي وأبعاده، إلى جانب تحفيزه على المطالبة بتعزيز الرقابة على الأموال العامّة. وهي تشكّل منذ عقد ونيف مرصدا للتنبيه والحدّ من المخالفات والتجاوزات في قطاعي الضرائب والمالية العامة، بالإضافة الى كونها منصّة فعّالة للتعاون والتحاور وتبادل الآراء وإطلاق المبادرات بهدف تحقيق المنفعة العامة وتعزيز الحوكمة الرشيدة.
تشدد الجمعيّة على أنّ الإدارة الفعّالة للأموال العامّة أمر حيوي لقيام الدولة الحديثة، من أجل الوفاء بواجباتها بفعالية في حماية رفاهية المواطنين. وهي تلتزم بالتّوعية حول الدور الأساسي للمجتمع المدني، وبتعزيز المشاركة الفعّالة للمواطنين، التي تشكّل أمرا ضروريا لضمان إدارة سليمة وصحيحة للأموال العامّة. تحرص الجمعية في كل مبادراتها ونشاطاتها بأن تكون كيانا لبنانيا غير سياسي وغير حزبيّ وغير طائفي. وهي تعمل لدعم حقوق جميع المكلفين دون تمييز، وتحتفظ باستقلاليتها الكاملة في كافة جهودها.