بلغ عدد معاملات بيع وشراء العقارات منذ بداية عام 2024 حتى شهر حزيران الماضي نحو 16390 عملية، بقيمة مُسجّلة تبلغ نحو 1.86 مليار دولار، بحسب أرقام السجل العقاري في وزارة المالية. يمثّل هذا الرقم مصدراً لجزء كبير من الحركة الاقتصادية في البلد، التي باتت تعتمد بشكل أساسي على تدفقات التحويلات المالية القادمة من الخارج أن تشكّل قيمة الحركة التجارية العقارية 1.86 مليار دولار في 6 أشهر، أي ما نسبته 10% من قيمة الناتج المحلّي الإجمالي في لبنان، الذي بلغ نحو 18 مليار دولار عام 2023، يعني أنّ الحركة التجارية في سوق العقارات أصبحت تُمثّل جزءاً كبيراً جداً من الاقتصاد.
وبشكل عام، تأتي أموال هذه الحركة التجارية إما من الادخار المحلّي الذي لا يوجد له مكان يتوجّه إليه، بعد انهيار القطاع المصرفي وفقدان الثقة به، وبالتالي أصبحت العقارات ملاذاً لهذه المدخرات. أو عبر الأموال المُحوّلة من الخارج لمغتربين يرغبون في إعادة أموالهم إلى لبنان، وهذه الأموال أيضاً كانت تتوجّه سابقاً نحو القطاع المصرفي، والآن لم يعد لديها أيضاً من ملاذ آخر غير القطاع العقاري.
على الجهة المقابلة، فعمليات بيع العقارات تأتي في سياق تحسين المداخيل، تأقلماً مع الواقع الذي أنتجته الأزمة. إذ إن التغطية الصحية أصبحت معدومة مع الانهيار الذي شهده الضمان الاجتماعي، الذي يغطي الشريحة الأكبر من الشعب اللبناني. كما أن ارتفاع كلفة التعليم والانهيار الذي يشهده التعليم الرسمي، وضع اللبنانيين تحت واقع صعب.
لذلك، عمد عدد كبير من الأسر اللبنانية، ولا زال، إلى بيع أملاكها كالعقارات من أجل تأمين الخدمات الأساسية، ومنها الصحة والتعليم. إلا أن هذا الأمر يُنبئ بكارثة في المستقبل القريب عندما تندثر هذه الثروات. فحينها لن يتبقّى لهذه الأسر ما تستخدمه لتمويل حاجاتها الأساسية، وبالتالي ستكون أمام واقع معيشي كارثي. ومن ناحية أخرى، ستتوسّع هوّة اللامساواة في الثروة، كما حصل في توزّع الدخل مع انهيار سعر الصرف، وهو ما سينعكس بشكل سلبي على الاقتصاد.