كشفت التحقيقات مع حسين فياض، المتهم بجريمة قتل الأم ابتسام عباس وبناتها الثلاث منال وريما وتالا صفاوي، مع شريكه السوري حسن الغنّاش، رواية شبه مكتملة للجريمة المروعة التي هزّت لبنان.
ومع أن التحقيقات وصلت إلى تفاصيل كيفية حصول الجريمة، إلا أن الدوافع والخلفيات، ما تزال قيد البحث، لأن حجم الجريمة غير عادي، وظروفها تحمل علامات استفهام كثيرة لم تحصل بعد على أجوبة، وهو ما يجعل الرواية التي قدّمها المتهم في التحقيق معه، ناقصة، وتحتاج إلى مزيد من التعمّق في البحث والتدقيق في اعترافاته.
وذكر الصحافي هادي الأمين في موقع “درج”، أن فياض اعترف بارتكاب الجريمة، وبأنه وشريكه قد تواطآ في عملية تنقيب عن آثار في المغارة نفسها، وتم توقيفهما في مخفر الدوير عام 2018.
في التحقيقات التي أجرتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أقرّ حسين فياض بتفاصيل فعلته، التي بدأت بالتخطيط قبل يوم من التنفيذ، وتوجه مع شريكه الى المغارة التي قتل ضحاياه فيها. حفر الشريكان قبوراً لأربعة أشخاص، استخدما فيها أدوات في ورشة قريبة، وأحضرا بندقية صيد يملكها فياض في منزله، ودعا الأم وبناتها الثلاث، في اليوم التالي إلى العشاء في مطعم في مدينة صور، ومن المنزل توجه بهن الى المغارة حيث كان حسن الغنّاش ينتظر فياض بحجة اعطائه أموالاً يدين له بها.
وفق إفادته أمام فرع المعلومات، طلب فياض من الضحايا الأربع استطلاع المغارة للتعرف إليها من الداخل لأنها تصلح للنزهة و”المشاوي”، وعند نزولهن لتفقدّ المغارة، دفع فياض باثنتين من الضحايا إلى داخله، وساعده شريكه برمي ضحيتين من على درج داخل المغارة. ودخل شريكه وأطلق النار عليهن جميعاً ببندقية الصيد التي جهزّاها سابقاً لارتكاب الجريمة.
اختبأ حسين فياض، وفق إفادته، لأكثر من ساعتين في مكان قريب بينما كان شريكه حسن الغنّاش يطمئن إلى إخفاء آثار الجريمة داخل المغارة.
فور الانتهاء انتقل المتهمان الى صيدا حيث قام فياض بتحطيم هواتف الضحايا واحداً تلو الآخر ورماهم في البحر، مع سترة تلطخت بالدماء، وعادا الى البلدة وكأن شيئاً لم يكن.
بالبرودة نفسها التي نفذ المشتبه فيه حسين فياض جريمته بقتل الأم وبناتها، استطاع أن يتعامل مع التحقيقات في مرحلة ما بعد شيوع اختفاء النساء الأربع، فشتت الأجهزة الأمنية والنائبة العامة الاستئنافية في النبطية غادة أبو علوان، لعدم توقيفه كمشتبه به. وصل الأمر إلى مرحلة، أتيحت له فرصة الخروج خارج البلاد، وتحديداً إلى سوريا، قبل أن يتم استدراجه في مبادرة فردية من احد ابناء البلدة، بعدما عجزت الأجهزة الأمنية عن إقناع القاضية ابو علوان بضرورة توقيفه للتوسع في التحقيقات، خصوصاً أن التحقيقات الأولية أظهرت تناقضات في إفادة فياض.
بعد يوم من اختفاء بنات مختار بلدة أنصار زكريا صفاوي الثلاث وطليقته، تقدم بشكوى أمام النيابة العامة في النبطية، عن اختفاء أفراد عائلته ومن بينهن فتاة قاصر، استناداً إلى شهادة إحدى السيدات في البلدة تفيد بمشاهدتها سيارة رباعية الدفع ذات زجاج داكن تشبه تلك التي يملكها فياض، التي تربطه علاقة عاطفية بإحدى البنات الثلاث، أقلّت الأم مع بناتها بملء ارادتهن من بيتهن، وهذا ما أثار الشبهات لدى الشاهدة.
في إفادته الأولى بعد استدعائه الى مكتب الشرطة القضائية في النبطية، أبلغ فياض المحققين أنه كان في منزله يعمل على توضيب الغرفة التي سيستخدمها شقيقه القادم من الخارج لقضاء عطلة، إلا أن افادته تناقضت وداتا الاتصالات التي حصلت عليها الأجهزة الامنية، والتي اشارت الى ان هواتف البنات الثلاث أطفئت في بلدة أنصار بينما بقي هاتف الأم مفتوحاً، وقد تزامن وجود رقمه مع رقم الأم على شبكة صيدا، وبعدها في محطة إرسال جدرا، بحسب داتا الإتصالات.
هنا بدأت تتكشّف أولى خيوط تضليل التحقيق، التي لم تعتبر رئيسة النيابة العامة في النبطية انها تستدعي الاشتباه بفياض وتوقيفه، بل استمر في متابعة مجريات التحقيق ببرودة كانت تقع كالنار على الأب المختار الذي بقي لأكثر من أسبوع يبحث عن معلومة عن عائلته المفقودة.