الأربعاء, ديسمبر 10, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderفصل الجنوب عن غزّة.. حتماً.. وإلاّ الآتي أعظم!

فصل الجنوب عن غزّة.. حتماً.. وإلاّ الآتي أعظم!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| جورج علم |

يعود بنيامين نتنياهو من واشنطن بسلّة طافحة من الوعود: فصل الجنوب عن مسار غزّة. وقف إطلاق النار. عودة النازحين إلى قراهم. وترتيبات توفر الضمانات الأمنيّة التي تطالب بها تل أبيب.

تحوّل الملعب الرياضي في مجدل شمس إلى صندوق بريد، لتبادل رسائل مشفّرة بالاعتراض. تريد طهران النظر بوضعية “ساحات المساندة”، خلال مفاوضات شاملة مع واشنطن وحلفائها في المنطقة. تريد التوصل أولاً إلى تفاهمات حول فكفكة ملف العقوبات، حول تحرير النفط الإيراني من القيود. حول فك الحصار عن الأموال الإيرانيّة المحتجزة في الخارج. حول البرنامج النووي، وإمكانيّة التوصل إلى إتفاق جديد. ومصير ومستقبل العلاقات الإيرانيّة ـ الخليجيّة بعدما أثبتت الوقائع مدى حاجتها إلى ممر أميركي إلزامي.

لم تسقط معادلة “وقف إطلاق النار في غزّة، شرط أساسي، لوقف إطلاق النار في الجنوب”. لكنها فقدت الكثير من مناعتها. ولم تحظ يوماً بغطاء أميركي، والدليل أن مبادرة آموس هوكشتاين كانت خاصة بالجنوب، ومعزولة تماماً عن مسار غزّة، وعندما تعثّر مدّها في بحر بيروت عاد إلى مكتبه في واشنطن تاركاً وراءه العبارة الشهيرة: عندما تستيقظون من النوم، يمكن أن نقول لكم تصبحون على خير”!

بعد مشواره الأخير، حصلت تطورات كثيرة. حرب غزّة لم تتوقف. لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار. فشلت كل المساعي الدبلوماسيّة لغاية الآن، بما فيها تلك التي بذلت لوضع مقترحات الرئيس جو بايدن موضع التنفيذ. جبهة الجنوب مفتوحة على مزيد من التصعيد. محور الممانعة أمام حسابات دقيقة بعد فوز الإصلاحي مسعود بزشكيان في الإنتخابات الإيرانيّة، وإصراره على إطلاق مسار تغييري.

لم تحفل الإدارة الأميركيّة بالإنتخابات الإيرانيّة، ونتائجها. لم ترحّب بفوز الإصلاحي بزشكيان، بل على العكس، تجاهلت، وشككّت، وذهبت نحو الأبعد لجهة القول بأن إنتخابه “لن يغير شيئاً في السياسة الإيرانيّة المتبعة”.

بدورها، ركّزت “إسرائيل” على البرنامج النووي، ونسبة تخصيب اليورانيوم، ووافاها وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن إلى منتصف الطريق، عندما أعلن قبل أيام أن “إستمرار التجاهل يعني السماح لطهران بإمتلاك القنبلة الذريّة في غضون أسبوعين”.

وكان لافتاً إعلان بعض دوائر الإستخبارات الأميركيّة، أن واشنطن لم تفاجأ بما حصل في مجدل شمس، وكأنها كانت تتوقعه، أو تتوقع مثيلاً له، بعدما تجاهلت الدعوات إلى ضرورة فتح أبواب الحوار مجدداً ما بينها، وبين طهران. وأيضاً بعدما أعطت نتنياهو ما يريد لجهة التعاطي مع جبهة الجنوب بمعزل عن غزّة، ودعمه في توفير “العودة الآمنة” للمستوطنين إلى الشمال.

ما تتوقعه إدارة بايدن، أن ينبلج فجر جديد من طهران. إنها تنتظر الرئيس بزشكيان أن يبادر إلى تنفيذ ما وعد به خلال حملته الإنتخابيّة: “لن نكون مناهضين للغرب، ولا للشرق”. و”لا بدّ من تغيير مسار البلاد في السياسة الداخليّة والخارجيّة، والتوجه نحو البراغماتيّة، وتخفيف القيود على الحريات الإجتماعيّة”.

وفي ظلّ الحكم “الثيوقراطي”، لا يستطيع الرئيس إحداث تحوّل كبير في السياسة المتعلّقة بالبرنامج النووي، أو دعم الفصائل المسلّحة في أنحاء الشرق الأوسط، إذ يتولّى المرشد الأعلى كل القرارات في شؤون الدولة العليا، غير أن بإمكان الرئيس التأثير من خلال ضبط إيقاع السياسة الإيرانيّة، والمشاركة بشكل دقيق في إختيار خليفة للمرشد البالغ من العمر الآن 85 عاماً.

وسبق للرئيس بزشكيان، أن قال في رسالة مصوّرة للناخبين “إذا حاولت، ولم أنجح في الوفاء بوعودي الإنتخابيّة، فسأقول وداعاً للعمل السياسي، ولن أستمر. لا جدوى من إضاعة حياتنا، وعدم القدرة على خدمة شعبنا العزيز”. وتعهّد بـ”إنعاش الإقتصاد المتعثّر الذي يئن تحت وطأة سوء الإدارة، والفساد الحكومي، والعقوبات الأميركيّة”.

وضع نفسه، قبل أن يبلغ عتبة الحكم، أمام إلتزامات صعبة تجاه شعبه، وتجاه الرأي العام الدولي الذي ينتظر منه اللجوء إلى سبل سلميّة للخروج من أزمة العلاقات المتوترة ما بين طهران والعديد من عواصم دول القرار.

رصيده المتداول في الصحافة الأميركيّة، وفي بعض مراكز القرار، أنه في العام 2022 طالب السلطات بتوضيح لوفاة مهسا أميني، وهي شابة توفيت رهن الإحتجاز بعد القبض عليها بدعوى “سوء الحجاب”، وأثارت وفاتها احتجاجات شعبيّة في أنحاء البلاد. كتب يومها “إن إعتقال فتاة بسبب الحجاب، وتسليم جثتها لعائلتها، أمر غير مقبول في الجمهوريّة الإسلاميّة”.

وبإنتظار أن يمسك بدفة الحكم، ويبدأ مشواره الصعب، يبدو أن حسابات جديدة قد بدأت على بيدر محور الممانعة. الصاروخ على تل أبيب، لم تنته تداعياته بعد. الصاروخ الذي أصاب مجدل شمس، قد حبس أنفاس اللبنانييّن والعديد من شعوب دول المنطقة. تزامن توقيته بعيد إنتهاء محادثات نتنياهو في واشنطن، وحصوله على ضوء أخضر بفصل مسار الجنوب عن مسار غزّة، وستكون تداعياته محصورة بتحديد مواصفات “اليوم التالي”، إما وضع مبادرة هوكشتاين موضع التنفيذ من خلال جولات مكوكيّة يقوم بها الأخير قريباً بين بعض عواصم دول المنطقة، أو الذهاب نحو معركة “كسر عظم” تتغيّر معها وجوه، وقامات، وحسابات، ومعادلات يلتقى حولها الكبار لإقتسام ما يتبقى من “مغانم”!

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img