/ علاء حسن /
أُغلق باب الترشح للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في منتصف أيار المقبل على 1043 مرشحاً، بحسب ما أعلن وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي.
وفي حين بدأت الحملات والبرامج الانتخابية تأخذ منحىً تصعيدياً، مما يوحي باقتناع غالبية الأطراف بجدية الانتخابات، يبقى هناك تخوف من حدوث أمر ما يقلب الطاولة في الدقائق الأخيرة ويؤدي إلى تطيير الانتخابات.
وتشير المعلومات في هذا السياق، إلى أن المحاولات القائمة لتطيير الانتخابات لا تعدو كونها محاولات فئوية لا تلقى دعماً دولياً، وخاصة أوروبياً وأميركياً، حيث يصر الطرفان الأميركي، والأوروبي بوجهه الفرنسي خاصةً، على ضرورة اجراء الانتخابات، وبل كانت هناك مطالبة فرنسية سابقة، بعد انفجار الرابع من آب، بانتخابات مبكرة، لكنها اصطدمت برفض الأطراف اللبنانية.
ويأتي الإصرار الدولي على إجراء الانتخابات بهدف إحداث التغيير من داخل مؤسسات الدولة وليس خارجها، وإدخال أصدقاء لهم في الندوة البرلمانية، وبعدها الاستحقاقات اللاحقة مثل الحكومة ورئاسة الجمهورية، نظراً لأن “الانقلاب”، من خارج مؤسسات الدولة، لن يفلح في لبنان القائم على التوازنات الدقيقة، ووجود مقاومة الكيان الصهيوني على وجه التحديد، وخير مثال على ذلك التحركات التي حدثت في السابع عشر من تشرين الأول عام 2019.
على أن رهان الخارج على إحداث تغيير جوهري في نتائج الانتخابات، خفُت كثيراً بعد الدراسات التي أجريت على الأرض، والتي أظهرت تقارب النتائج المتوقعة في الانتخابات القادمة مع الانتخابات السابقة، ما جعله لا يراهن على الجيل الجديد من المجتمع المدني، بقدر ما يراهن على إدخالهم إلى المجلس لضخ دم جديد، يستطيع التحالف لاحقاً مع بعض الشخصيات المستقلة والأحزاب التقليدية التي ارتدت ثوب التغيير والمدنية، بعدما كانت لعقود من الزمن تتولى زمام الدولة ومؤسساتها.
ويريد الخارج من خلال هذا التحالف، تحقيق جملة من الأهداف، أهمها تثبيت معادلة المجتمع المدني، وقدرته على الخرق، في محاولة من هذا الخارج لإحداث عملية تآكل داخلية تضمن بقاء الكتلة الموالية له بحجمها، منعاً من دخول الجهات المنافسة، والحصول على تركة الأحزاب التقليدية، التي فقدت جزءاً من جمهورها نتيجةً للأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة التي أحاطت بالبلاد في السنوات الأخيرة. وبذلك يجمع بين الروح المندفعة لدى مرشحي 17 تشرين، وبين الخبرة التي لدى المرشحين التقليديين، من أجل ضمان تمكنه من الإمساك أو التأثير في الملفات الحساسة، مثل المقاومة وترسيم الحدود وملف النفط…
يبقى أن هذه الانتخابات تحمل، ولأول مرة منذ العام 1992، تغييراً جوهرياً مرتبطاً بانكفاء تيار المستقبل عن العملية السياسية وخوض الانتخابات، مما سيؤثر حكماً على وجود كتلة سنية وازنة يمكن إبرام الاتفاقات معها، الأمر الذي يترك الباب مفتوحاً أمام احتمالات متعددة، ليس آخرها عرقلة تشكيل الحكومة العتيدة، لعدم وجود مرشح قوي يحظى بالميثاقية لتولي رئاسة الحكومة.
وفي سياق متصل، تشير المعطيات الواردة إلى أن الأحزاب التقليدية باتت شبه مطمئنة إلى نتائج الانتخابات، مع انخفاض بسيط في عدد الفائزين، بسبب انكفاء الناس عن المشاركة القوية في عملية الاقتراع، والتي كان يفترض أن تصب لصالح المرشحين المستقلين، والمرشحين الجدد من منظمات المجتمع المدني، الذين لن يتجاوز عددهم في أفضل الحالات عشرة فائزين، بسبب الخلافات الكثيرة داخل منظمات 17 تشرين، وعجز الطرف الأميركي عن فرض مرشحيه، نتيجة التباينات الكبيرة لدى هؤلاء في كثير من الملفات، ومنها ملف المصرف المركزي والمقاومة ورئاسة الجمهورية وملف مكافحة الفساد.
أخيراً، يبقى أن الانتخابات القادمة، ستمثل الصراع القائم حول هوية لبنان، وعلاقاته الخارجية، ورؤيته الاقتصادية، واهتمامه بالملفات الإنمائية، والقضايا التي ستعيش مع الأجيال القادمة، كالصحة والتعليم واستقلالية القضاء…
فهل ستكون هذه الملفات على جداول الأعمال في القادم من الأيام.. أم يستمر نهج التسويات إلى حين؟ سؤال ستجيب عنه صناديق الاقتراع في الخامس عشر من أيار 2022.