| مرسال الترس |
تعودت الشعوب العربية أن تبدي انشراحاً، وأحياناً تهليلاً، بالنتائج التي تفرزها الانتخابات “الديمقراطية” في الدول الغربية، على خلفية أنها ستُحدث تبدلاً ملموساً في سياسة هذه الدولة أو تلك إزاء قضايا الشرق الأوسط المتشعبة، والمتداخلة، إلى حدود التعقيد غير القابل للحل.
ولتوضيح الفكرة والأسباب حول هذه المسألة، يمكن إلقاء الضوء على نموذجين ظاهرين للعيان في الفترة الحالية:
النموذج الأول في المملكة المتحدة، التي كانت تُعرف ببريطانيا العظمى حيث لا تغيب الشمس عن أراضيها، إذ أدت الانتخابات، التي جرت مطلع هذا الشهر، إلى سقوط حكومة المحافظين التي كان يترأسها ريشي سوناك، “الهندي الجذور”، وفوز حزب العمال، حيث تم تكليف رئيسه بتشكيل الحكومة الجديدة من قبل الملك تشارلز الثالث. وبناء على هذه النتيجة بدأت التهاني من الدول العربية وحكامها تصل إلى مبنى “10 داوننغ ستريت” وكذلك البرقيات والهدايا.
وبغض النظر عن أن كيان الاحتلال الإسرائيلي قام على خلفية “الوعد”، الذي أطلقه رئيس الوزراء البريطاني آرثر جيمس بلفور في العام 1917، فقد أظهرت وسائل الإعلام العالمية، والاسرائيلية على وجه التحديد، أن السيدة فيكتوريا، زوجة رئيس الحكومة الجديد كير ستارمر، هي يهودية ملتزمة بالعقائد والتقاليد الثقافية اليهودية وتشارك في مكافحة معاداة “السامية”، وتلعب دوراً مهما في “تشكيل قيم وممارسات عائلتها”.
وأضافت المعلومات أنه لدى “سيدة بريطانيا الأولى” عائلة تعيش في كيان الاحتلال الإسرائيلي، وزوجها أعرب عن قلقه العميق على سلامتهم أثناء هجوم السابع من تشرين الأول عام 2023.
وتشير صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية إلى أنه في منزل ستارمر تتم مراعاة التقاليد اليهودية، والأسرة تحتفل بالسبت، وهو يوم الراحة الأسبوعي، مع التجمعات العائلية والطقوس التقليدية. وتنتمي الأسرة إلى الكنيس اليهودي الليبرالي في سانت جونز وود بلندن.
أما النموذج الثاني فمن الولايات المتحدة الأميركية، حيث تؤيد العديد من الدول العربية عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى الحكم، من منطلق أن الرئيس الحالي جو بايدن قد أغدق على كيان العدو الآف الاطنان من القنابل الضخمة والمتنوعة في حربه على قطاع غزة، متناسين أن ترامب هو الذي وقّع عام 2017، أثناء فترة حكمه، باحتفالية ضخمة على الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي بدل تل أبيب، ونقل سفارة بلاده إليها. وهو في حملته الانتخابية الحالية لا ينفك يهدد الفلسطينيين، ويعد “إسرائيل” بـ “المن والسلوى”.
والثابت في كل الظروف أن العرب مجبرين على التعامل مع الغرب، الذي بات أسير اللوبيات اليهودية في العديد من مفاصله المحورية، ولا فرق بين حكامه سوى بالشكل، أما المضمون المرتبط بـ”إسرائيل” فأمر مفروغ منه!