/ إيناس القشّاط /
لم يتخل الملكي ريال مدريد عن بطولته المفضلة، حارب الباريسي بكل قوة وقسى عليه بثلاثية، حتى اطاح به ورماه خارج دوري ابطال أوروبا.
“الريمونتادا” القاسية التي حققها اللاعب الفرنسي كريم بنزيما، رفعت مستوى السعادة عند المدريديين في مختلف أنحاء العالم، وربما لم ينم البعض منهم، بفضل التأهل التاريخي للنادي إلى الدور ربع النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا.
بدأت الملحمة الكروية بهدف باريسي للاعب الفرنسي كيليان مبابي، في الدقيقة الـ 39، ليضع فريقه في المقدمة بفارق هدفين، بعد تسجيله الهدف الأول في مباراة الذهاب في باريس.
لكن كان لدى بنزيما “العنيد” رأي آخر. وبعبقريته أعلن حالة الطورائ على باريس، وسجل “الحكومة” ثلاثة أهداف في 17 دقيقة، ليذهل الحضور، ويؤهل ريال مدريد إلى ربع نهائي البطولة، مقدما واحدة من أفضل مبارايته، وربما في تاريخ مباريات دوري الأبطال.
عاش “الفرنسي” فترة ليست بالسهلة في ظل حضور النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، ولكنه لم يتأثر، بل أعطى من كل قلبه، ساعد فريقه وعندما حانت لحظته قطفها بفرح ونجاح كبيرين.
ومع رحيل رونالدو لمع بنزيما واصبح المنقذ الأساسي الذي يسأل عنه الجمهور والمعلقون، ويخاف من خطورته المدربون واللاعبون.
ورغم تعرضه لإصابات خطيرة، كان آخرها تعرضه لكسر في إصبعه خلال المباراة التي فاز بها ريال مدريد بنتيجة (2-1) على ريال بيتيس، في الجولة 19 من الدوري الإسباني لموسم 2018-2019، استطاع بنزيما التغلب على كافة أزماته الكبرى وتحقيق إنجازات لم يحققها قبل الإصابة، ويبدو أن هذه الإصابة تحولت من نقمة إلى نعمة.
ومنذ الإصابة المذكورة مطلع عام 2019، حقق بنزيما مع ريال مدريد 3 بطولات مقسمة بين لقب لليجا وثنائية للسوبر الإسباني، كما حقق مع منتخب بلاده لقب دوري الأمم الأوروبية 2021.
اختير بنزيما كأفضل لاعب فرنسي في 2021، للمرة الأولى منذ عام 2014، وحلّ رابعاً في جوائز مجلة “فرانس فوتبول” الكرة الذهبية في 2021 كأفضل مركز يحققه على مدار تاريخه.
واختير كريم أيضاً خلال عامي 2020 و2021 كأفضل لاعبي الليجا في استفتاء الجمهور الذي أجرته صحيفة “ماركا” الإسبانية، وفاز 3 مرات بعد الإصابة بجائزة لاعب الشهر في الليجا، مقابل مرة واحدة فقط قبلها.
وفي آخر عامين، اختير بنزيما أيضاً، ضمن فريق العام باختيارات صحيفة “ليكيب” الفرنسية الشهيرة، بينما لم يحظ بهذه المكانة من قبل.
ومنذ 2019 وحتى الآن، أي على مدار 3 سنوات متتالية، يتواجد بنزيما في فريق الموسم بالليجا، ودخل موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية في 2021، كأكثر اللاعبين مشاركة في دوري أبطال أوروبا دون انقطاع منذ 2005.
هاتريك بنزيما في باريس سان جيرمان خلال أمسية الأربعاء الماضي، جعله يبلغ 8 أهداف في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، وهو أكبر رصيد له في البطولة خلال موسم واحد.
وحالياً، يتصدر بنزيما جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني هذا الموسم بـ20 هدفاً، وهو المرشح الأول لحصد الجائزة لأول مرة في تاريخه، حيث يبتعد أقرب ملاحقيه عنه بفارق 7 أهداف.
وعلى صعيد الميرنغي، أصبح كريم ثالث الهدافين التاريخيين للنادي برصيد 309 أهداف متفوقاً على الأسطورة ألفريدو دي ستيفانو برصيد 308 أهداف.
شخصية بنزيما القوية صنعها الزمن في الميرنغي، ففريقه صاحب النزعة والروح الكروية، استطاع ان يتغلب على مرضه، وأثبت مقولة ان ريال مدريد يمرض ولا يموت. هذا الاصرار والعزيمة لا تتواجد بجميع الفرق الرياضية.
وهذا ما أثبته سان جيرمان، فالملكي لعب على صنع حالة مخيفة فرضها الفريق في أرضه، وتأثر بها الفريق الباريسي الذي بات يخطئ بدل المرة اثنين، وهذا الذي أكد أن الفريق الباريسي لم يتخلّص من تلك الشخصية الضعيفة قط. حيث لم يعط الفريق أي ردة فعل بعد الأهداف التي تلقاها، بل كانت تتحول حالة الفريق للأسوأ، وهو ليس بجديد على باريس الذي يخرج كل موسم من بطولة الأبطال بسيناريو مشابه حتى الآن.
جماهير حديقة الأمراء عُلّقت أمالهم على ميسي ونيمار ومبابي، لكنّ رغم تأجّج الفريق الباريسي بالنجوم، الا انه لم يعد سوى مقبرة لهم. فبعد التحاق الارجنتيني ليونيل ميسي بالفريق الفرنسي، اعتقد محبو سان جيرمان، أن التاريخ سيضحك لهم مجدداً، الا ان ميسي خيّب آمال الجماهير ولم يقدم المستوى المعهود.
وأمام “العاصفة” المدريدية، لم يستطع ميسي التسجيل على ملعب سانتياجو برنابيو، وفشل ذهابًا في تسجيل هدف من ركلة جزاء تصدى لها الحارس كورتوا، وفي الإياب تمشى “خيال” ميسي في البرنابيو، دون أن يتمكن من التسجيل أو الصناعة، رغم لمسه الكرة 96 مرة خلال دقائق المباراة، وتسديد الكرة ثلاث مرات، لم تكن أي منها على المرمى.
في تكتيك الحروب، عليك بتنويع الضربات والدخول من كل المحاور، الأرضيّة والجويّة وحتى الثابتة. الا ان رئيس باريس سان جيرمان ناصر الخليفي، يبقي نفسه في محور واحد، ويظن أن بتكديسه للاعبين يستطيع ان يملك العالم.
يحاول الخليفي بأمواله وصفقاته الباهظة ان يبني دولة رياضية باريسية، لجعل فريقه عملاقاً اوروبياً ينافس الفرق العالمية. الا ان كرة القدم قدّمت درساً قاسياً لباريس مرة أخرى.
في عالم كرة القدم الحديثة تتكلم لغة المال والأرقام، هذا واضح وعلني. لكن الحقيقة أن مهما تتطورت إمبراطورية المال في كوكب كرة القدم، المال وحده لا يصنع البطولات.