لحسم نقاط الخلاف بحل سياسي

أكدت مصادر مطلعة على طروحات الحل المقترح سواء التي حملتها الورقتان الفرنسيتان، او التي حملها آموس هوكشتاين لصحيفة “الجمهورية”، أنّ مسار هذا الحلّ ستعتريه صعوبات كبرى، ومدى التفاوض حوله لن يكون قصيراً بل طويلاً جدًا ومن دون افق، إن تمّ التمسك بتلك الطروحات التي تصبّ في معظمها في مصلحة “اسرائيل” ولا تلزمها بأي إجراءات او خطوات من جانبها، ما يعني انّ الحل السياسي ليجد طريقه الى التفاهم عليه، ينبغي أن يقوم على افكار جديدة متوازنة تحاكي الواقع غير تلك الافكار التي تحاكي مصلحة “اسرائيل” فقط، والتي رفضها لبنان بشكل قاطع.

ولفتت المصادر إلى أنّ المطلب “الاسرائيلي” بانسحاب “حزب الله” إلى ما بعد نهر الليطاني او بضعة كيلومترات عن الحدود يستحيل القبول به من الجانب اللبناني. كونه من جهة يمكّن “اسرائيل” بالسياسة من تحقيق انتصار على “حزب الله” لم تتمكن من تحقيقه في الميدان العسكري.

ومن جهة اخرى لأنّ افراد “حزب الله” هم ابناء تلك المنطقة، فكيف يمكن الركون لطلب سحب لبنانيين من قراهم وبلداتهم. ومعلوم أن “حزب الله” ابلغ كل الوسطاء برفضه اي بحث في اي ترتيبات متصلة بجبهة الجنوب قبل وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.

واما بالنسبة الى الطلب “الاسرائيلي” بانسحاب “حزب الله”، فهو طلب غير قابل للبحث في اي زمان ومكان.

وتؤكّد ذلك قراءة لمسؤول كبير اممي غير مدني، حيث ابلغ الى مجموعة من النواب اللبنانيين زاروا مقر قيادة “اليونيفيل” في الناقورة في الساعات الاخيرة، انّ الوضع بالغ الدقة والحساسية واحتمالات تصاعده الى مخاطر اكبر قائمة، رغم اننا حتى الآن نلحظ محاذرة الجانبين (اسرائيل و”حزب الله”) من الدخول في حرب واسعة، وتجنّب استهداف المدنيين وعدم توسيع نطاق المواجهات. مشيراً الى انّ قيادة “اليونيفيل” تقوم بواجبها في التواصل مع جميع الاطراف لخفض التصعيد ومنع تفاقمه. ومؤكّدا انّ اساس الحل هو احترام القرار 1701.

وبحسب ما نقل هؤلاء النواب فإنّ المسؤول الاممي غير المدني وصل في ختام قراءته الى تأكيد ضرورة بلوغ حل سياسي يحسم نقاط الخلاف، ولاسيما النقاط الـ13 المختلف عليها، الّا انّه اشار في هذا الصدد الى أنّ مطلب سحب “حزب الله” من المنطقة الى ما بعد الليطاني او الى اي مكان آخر، هو مطلب صعب جداً وغير منطقي.

الّا انّ الصعوبة الماثلة في طريق الحل السياسي، لا تعني في رأي المشاركين بالمحادثات على خط الوساطات، استحالة الوصول اليه، حيث يؤكّد هؤلاء لصحيفة “الجمهورية” أنّه كما انّ لبنان في حاجة الى الحل السياسي فإنّ اسرائيل وكما أسرّ لنا الموفدون، بذات الحاجة وربما اكثر لهذا الحل، جراء الضغوطات التي تتعرّض لها من قبل المستوطنين الذي تهجّروا من مستوطنات الشمال. ومن هنا فإنّ السقف العالي للمطالب التي طُرحت في بدايات المواجهات في جبهة الجنوب، لن يبقى بالتأكيد على ارتفاعه.

وبحسب هؤلاء، فإنّ الحل السياسي ربما يكون اسهل مما يُعتقد، وثمة ثلاث صور لهذا الحل:

الاولى: وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. وهذا سيصاحبه فوراً وقف نهائي لعمليات “حزب الله” ضدّ مواقع الجيش الاسرائيلي والمستوطنات. وقد ابلغ “حزب الله” ذلك الى الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، واكّد على ما مفاده يتوقف العدوان على غزة، تتوقف العمليات هنا، وقد لا تكون هناك حاجة للتفاوض لكي تتوقف

الثانية، التزام كل الاطراف قولاً وفعلاً بمندرجات القرار 1701 ومنع الخروقات البرية والبحرية والجوية. ولبنان اعلن عبر كل مستوياته التزامه الكلي بهذا القرار، والمطلوب الزام اسرائيل به.

الثالثة، وربما تكون الأكثر ترجيحاً، هي العودة بالوضع الى ما كان عليه قبل الثامن من تشرين الأول من العام الماضي أي عودة السكان اللبنانيين الى قراهم، وكذلك عودة المستوطنين الى مستوطناتهم، وبالتالي استئناف التعايش مع الوضع الذي كان سائداً دون اي استفزازات تُذكر على امتداد الحدود في تلك المنطقة، منذ العام 2006. اي منذ انتهاء عدوان تموز والوصول الى القرار 1701 قبل 18 عاماً.