| زينب حمود |
لسبب غير واضح، تحوّلت بلدية بيروت إلى العمل في مجال التسويق والإعلان لدى شركات تجارية خاصة، عبر توزيع «دليل» يضم ثلاث شركات تستورد فلاتر بمواصفات معينة، وتوزيعها على أصحاب المولّدات في العاصمة لإلزامهم بتطبيق تعميم لوزارة البيئة للحدّ من انبعاثات مولّداتهم. اللافت أن اختيار الشركات الثلاث جاء بطلب من شركة خاصة أخرى هي … «سوليدير»! فيما لا يملك المسؤولون في البلدية جواباً عن سبب حصر الأمر بالشركات الثلاث. وبعيداً عن الاتهامات بالسمسرة، وفي حال كانت نيات البلدية حسنة لـ«مساعدة» أصحاب المولدات في الوصول الى المزوّدين، فلماذا لم تلجأ إلى إعداد قائمة بأسماء كل الشركات التي تعمل في هذا المجال، وتترك لهؤلاء خيار الانتقاء من بينها.
وكانت وزارة البيئة قد أصدرت في أيلول الماضي تعميماً بمراقبة تشغيل المولدات الكهربائية واستثمارها، وحددت مواصفات فنية للحدّ من الضرر البيئي الناجم عنها. من وزارة البيئة إلى وزارة الداخلية، فالمحافظين، وصل التعميم إلى بلدية بيروت التي كانت سبّاقة في نشره على نطاق واسع بعد شهر من إصداره. وأخيراً، انتشرت في بيروت ورقة غير موقّعة منسوبة إلى البلدية، تحمل أسماء ثلاث شركات مورّدة لنظام منع انبعاث الدخان (فلتر للجزيئات يساهم في تنقية تلوث الهواء) مع أسماء أصحابها وأرقام هواتفهم، ما أثار تساؤلات حول سبب اختيار هذه الشركات الثلاث دون غيرها، واتهامات بالسمسرة.
مدير مصلحة المؤسسات المصنفة في بلدية بيروت، المهندس باسم العويني، أقرّ بأن البلدية وراء توزيع اللائحة، عازياً ذلك إلى «أننا أعطينا مهلة 6 أشهر للالتزام بتطبيق التعميم بعدما تبيّن لنا أن الفلاتر غير متوفرة محلياً ويتطلب استيرادها وقتاً، ولا سيما الفلاتر السخامية التي تحدّ من الانبعاثات غير المرئية من دواخين المولدات ذات القدرة الحرارية التي تفوق 200 كيلوواط، فضلاً عن الوقت الذي تتطلّبه شركات الصيانة وبيع المولدات المحلية لإعداد تقرير بمواصفات المولد وإرساله إلى شركة أجنبية في الخارج تتوفر لديها اللوازم المطلوبة ذات المعايير العالمية». وأوضح أن عدم توفر الفلاتر محلياً دفع البلدية إلى «مدّ يد العون»، وتعميم أسماء ثلاث جهات يمكن التواصل معها، «حدّدتها شركة سوليدير لأن هاجسها تطبيق التعميم والتخفيف من الانبعاثات الملوثة»!
العويني أشار إلى أن مراقبي بلدية بيروت يجولون مع عناصر من أمن الدولة منذ شهر ونصف شهر على أصحاب المولدات والشركات الكبيرة كالجامعات والمستشفيات والفنادق، للكشف على الالتزام بالمعايير البيئية لتشغيل المولدات، بإشارة من المدعي العام البيئي في بيروت القاضي نديم زوين. وأضاف أن «دليل شركات الفلاتر يعرضه المراقبون إذا سُئلوا عن مصدر تتوفر فيه اللوازم المطلوبة»، مؤكداً أنه «لا يوجد تعميم ولا مستند رسمي صادر عن البلدية يفرض الشراء أو عدم الشراء من أيٍّ من الشركات».
مستشار وزير البيئة حسن دهيني أكد أن لا علاقة للوزارة بتعميم أسماء المورّدين، مشيراً إلى أنّ «تعميم الوزارة اقتصر على المعايير البيئية والمواصفات الفنية التي يجب الالتزام بها للتخفيف من التلوث والضرّر البيئي والضوضائي الناجم عن تشغيل المولدات من دون أن تحدّد أيّ جهة لشراء الفلاتر منها، ويكفي أن تكون الفلاتر مطابقة للمعايير المحددة مهما كان مصدرها».
وقالت مصادر في وزارة البيئة إن «قراراً وزارياً سيصدر قريباً يتضمّن معايير أكثر شمولية وتفصيلاً، ومرفقاً بآلية تقديم الشكاوى بحق المخالفين، بما يمكّن وزير البيئة من إحالة أيّ مخالفة إلى المدعي العام البيئي».