“الحفّاضات”.. تقنّن الزواج: تراجع الولادات 32%!

/ فاطمة ضاهر /

الزواج والإنجاب في لبنان، أصبحا هاجسين يشغلان عقول الشباب، بعد أن كانا يشكلان الملجأ والأمان لكل شاب أو شابة يطمحان في تكوين أسرة.

فلم يعد الزواج وإنجاب الأطفال سهلاً في معظم الأسر اللبنانية، بسبب الأعباء المالية المرتفعة جراء الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

نماذج الشباب اللبناني المعتكف عن الزواج، والحديث المتزايد عن ارتفاع نسب الطلاق، يفتح الأبواب لقراءة متأنية في ما تركته الأزمة الاقتصادية الاجتماعية من تداعيات على الشباب اللبناني، الذي فضل قسم كبير منهم الهجرة بحثاً عن مستقبل مفقود في وطنهم، وقسم آخر يفتّش عن عمل إضافي يؤمّن له تغطية الحدّ الأدنى من مقومات الاستمرار، وقسم ثالث وقع في حفرة يصارع بجهد كبير للخروج منها.

في المحصلة، كل ذلك ترك بصماته واضحة في مستقبل الشباب داخل الوطن، وخارجه أيضاً، لكن البصمة التي حفرت مكانها تتمثّل في التراجع الحاد في نسبة الزواج والإنجاب.

وبحسب دراسة أعدتها “الدولية للمعلومات”، “أدت الأزمة الاقتصادية – المالية التي يعيشها لبنان منذ نهاية العام 2019، وتفشي فيروس كورونا بدءاً من شهر شباط 2020، إلى تداعيات خطيرة على حركة السكان”.

تُظهر الدراسة مقارنة بين العامين 2018 (حيث كانت الأوضاع طبيعية) و2021، يتبين التالي:

  • تراجع عقود الزواج 2,626 عقداً بنسبة 7.2%.
  • تراجع عقود الطلاق 244 عقداً بنسبة 3%.
  • تراجع الولادات 29,827 ولادة بنسبة 32%. وهو تراجع كبير وخطير، فحصيلة الزيادة السكانية في العام 2018 بلغت 67,360 شخصاً، وانخفضت في العام 2021 إلى 28,405 أشخاص. وإذا ما أُضيف إليها الارتفاع الكبير في أعداد المسافرين والمهاجرين الذي قارب 80 ألفاً، فإن ذلك يؤشرإلى شيخوخة اللبنانيين المقيمين في لبنان، في حال استمرار هذه الظاهرة.
  • ارتفاع الوفيات 9,128 وفاة بنسبة 35.6%، وهو أيضاً ارتفاع خطير مرده الأساسي إلى تفشي فيروس كورونا، إذ قد يكون نحو 7,600 من الزيادة في أعداد المتوفين نتيجة كورونا.

جدول يبين عدد عقود الزواج والطلاق وحالات الولادة والوفاة خلال الأعوام 2018-2021.

 

أزمة مفروشات.. و”حفّاضات”!

الشابة لينا ط. حالها حال معظم اللبنانيات في فترة الأزمة اللبنانية، تروي لموقع “الجريدة” ما تمرّ به، هي وخطيبها الذي ارتبطت به منذ أكثر من 4 سنوات، الّا ان الوضع المالي الرديء عصف بحاله ووقف بوجه إمكانياته وقدرته على الزواج.

“إلتقينا ،حبينا، وخططنا، وتمنينا بناء مستقبل حلو. بعد علاقة حب عمرها سنين، كان لازم نبلش حياة جديدة ببناء أسرة ببيت جديد. لكن للأسف، واجهتنا مشاكل ما مننحسد عليها نحن الشباب. أول ما تعرفنا كان الوضع مقبول لفتح بيت، بس من سنتين لهلق.. مستحيل!”

“ما كنا حاسبين حساب انه رح نوصل لمرحلة ما نقدر فيها حتى نقول بدنا نتزوج. ارتفع سعر الدولار، وصار كل شي فوق المعقول. معاش خطيبي صار ما بكفي اشتراك كهرباء. اضطرينا نشتغل انا وهو أكتر من شغلة لنقدر نكمل. اذا منشتغل كل النهار والمعاش ما بكفي اجار طريق. رحنا نسأل عن المفروشات، شي غريب كانت الاسعار.. كأن ما عايشين بلبنان.. وين رايحين؟ لوين واصلين؟ بطلنا عارفين.. دمروا فينا الأمل والإيمان ببكرا، صرنا منفكر بس كيف نعيش مش كيف نفتح بيوت”…

وصولاً الى فكرة الإنجاب التي كانت هدف معظم الأسر والزيجات الجديدة، وصل بنا الحال في لبنان الى ربط هذه الفكرة بالحليب والحفاظات، وغيرها من متطلبات الأطفال وخاصة حديثي الولادة، التي تفوق أسعارها راتب موظف لبناني يقبض بالليرة اللبنانية.

الشاب سامر ف. متزوج منذ سنتين، يعيش في منزل مستأجر وبالكاد يدفع إيجار منزله، قرر هو وزوجته عدم الإنجاب هذه الفترة الى ان تتحسن الأوضاع الاقتصادية، يروي لموقع “الجريدة” كيف وصل الى هذا القرار.

” ما تستغربوا.. ايه قررنا انا ومرتي ما نجيب ولد.. ليه؟ ليه بدي جيب ولد يموت ادامي؟ بدي جيب ولد وعذبو؟! اذا جاع ما في حليب.. ما في حفاضات.. ما في لقاحات.. طبابة غالية كتير.. قررنا ما نجيب ولد، حتى ما نظلمه معنا لأن نحن ما عارفين كيف بدنا نكمل بظل هالظروف، وخاصة انا عم نشوف كيف عم بصير مع يلي حولنا، وكيف الأطفال عم تموت عأبواب المستشفيات”.

“لينا” و”سامر” نموذجان حقيقيان يوضحان واقع الشاب اللبناني، في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتراجع القدرة الشرائية بفعل ارتفاع الأسعار وانهيار سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية، أصبح الزواج والإنجاب حلماً صعب المنال، وطريقاً مليئاً بالأشواك والعقبات التي تحتاج الكثير من الأموال.

هذا ما يفسّر الإحصاءات والأرقام التي أوردتها “الدولية للمعلومات”، من تراجع لعقود الزواج والولادات بنسبة كبيرة في لبنان.