/ علاء حسن /
تستضيف قطر الدورة السادسة للدول المنتجة للغاز، في منعطف استراتيجي يحمل في طياته الكثير من الملفات الساخنة، أهمها الأزمة الأوكرانية التي قد تتسبب في اندلاع حرب، لا يُعرف مدى اتساع رقعتها الجغرافية فيما لو تدحرجت أحجارها شرقاً وغرباً.
إلى ذلك فإن الأزمة الأوكرانية لها بُعد هام للغاية، يتمثّل في امدادات الغاز الروسي الذي تعتبر المصدر الأول للغاز عالمياً إلى القارة العجوز، وما يمكن أن يسبب ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية في أوروبا التي تقف بين سندان المواقف الأميركية المتمثلة بالحلف الأطلسي، وبين مطرقة القرار الروسي الحاسم نحو إبعاد شبح التهديد الأطلسي عن مواقعه الاستراتيجية، وما يمثل ذلك من تقويض للتوسع الروسي في منطقة الأوراسيا.
وفي هذا السياق، تبرز ثلاث محطات استراتيجية لقطر، التي استضافت الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي في أولى زياراته الخليجية، والتي تحمل رغبة إيرانية في تعزيز الأمن الذاتي للمنطقة بعيداً عن التدخلات الغربية، وربط النزاع مع اللاعبين الأساسيين فيها، تمهيداً لحلحلة الملفات العالقة، ابتداءً من أمن المياه في منطقة الخليج، وليس انتهاءً بالملف اليمني، مروراً بكثير من ملفات دول الجوار.
وفي هذا الإطار، يبرز الدور القطري كوسيط بين إيران والولايات المتحدة التي منحتها الضوء الأخضر، في زيارة أميرها تميم بن حمد آل ثاني إلى واشنطن مطلع شباط الجاري. وتأتي هذه الوساطة برغبة إيرانية – قطرية مشتركة، لما تمثله من تحقيق لمصالح الطرفين. فمن جهة تسعى قطر إلى خفض التوتر في المنطقة بغية تسهيل عملية نقل الطاقة منها وضمان استقرارها الاقتصادي، ومن جهة تسعى جاهدة لإمرار كأس العالم المقام لديها بسلام، من دون مشاكل تؤثر على قدرتها في إدارة هذا الملف الحساس. فضلاً عن سعيها لتثبيت نفسها لاعباً أساسياً في المنطقة إلى جانب منافسيها الإمارات والسعودية.
وإيران من جهتها ترغب في توسيع علاقاتها الخليجية، وعدم الاكتفاء بالدور العماني كوسيط تقليدي مع الولايات المتحدة، خصوصاً أن سلطنة عمان ترعى الوساطة في الملف اليمني، وهي أقدر من قطر على إدارة هذا الملف بسبب علاقاتها الجيدة مع السعودية، بخلاف قطر التي ومنذ الأزمة الخليجية عام 2017 لم ترتق علاقاتها مع السعودية والإمارات إلى المستوى الذي يمكنها من إيفاء هذا الدور.
من جهة أخرى، تدرك قطر أنها لن تتمكن من مجاراة الولايات المتحدة الأميركية بشكل كامل في ملف الغاز، وليست بوارد أن تصبح بديلاً عن روسيا فيما لو انقطعت امدادات الغاز الروسي عن أوروبا، فلا هي قادرة على الخروج من علاقاتها الإقليمية المتشابكة، ولا تستطيع في العين ذاته تلبية حاجة القارة الأوروبية، والتملص من العقود الطويلة التي تلتزم بها.
والمحطة الثالثة لدى قطر، استحقاق اساسي في تاريخها وهو استضافة كأس العالم لكرة القدم هذا العام، والذي يشكل اهمية استراتيجية لها على مستوى مكانتها الاقليمية والدولية من جهة، ولما هو مرتبط بحجم الاستثمارات التي قامت بها في سبيل إنجاح هذه المهمة، والتي ستكون نتائجها كارثية عليها فيما لو وصل التوتر في المنطقة إلى مستوى قد يؤثر معه على إقامة المباريات على أراضيها.
أخيراً هل ستنجح قطر، ومعها إيران وروسيا، في تثبيت استقرار ما على مستوى المنطقة يحمل معه انخفاضاً للتوتر، من دون المساس بقواعد الاشتباك الموجودة؟ أم أننا أمام منعطف استراتيجي سيغير من المعادلات القائمة، ويخلط الأوراق، والذي سيكون محفوفاً بالنار؟