/محمد حمية/
لم يكُن الكشف عن تحليق “مسيرة حسان” فوق شمال فلسطين المحتلة، بعد أقل من يومين على إعلان السيد حسن نصرالله امتلاك المقاومة القدرة على تصنيع الطائرات المسيرة والصواريخ الدقيقة، محض صدفة، بل كان عملاً استخبارياً اعلامياً منسقاً لتوجيه أكثر من رسالة.
فما هي المهمة التي حققتها والرسائل التي حملتها؟
مصادر معنية بعمل المقاومة تشير لـ”أحوال” إلى أن “الأهم في الانجاز النوعي والتاريخي الجديد الذي حققته المقاومة، أنه جاء بعد إشارة نصرالله في اطلالته الاخيرة الى أمرين: فشل المعركة بين الحروب التي خاضها العدو لمنع حزب الله من تصنيع الصواريخ الدقيقة والمسيرات، وبالتالي تجاوز المقاومة مخاطر نقل السلاح الى لبنان.. والثاني الترجمة العملية الميدانية جاءت بتحليق المسيرة فوق الأراضي المحتلة كإثبات على مصداقية نصرالله”. وكشفت المصادر أن الحزب يمتلك عدداً كبيراً من “مسيرات حسان” ستشكل “جيشاً جوياً” واستخبارياً سيكون له دوره الكبير في الاستطلاع وجمع المعلومات عن العدو وحركته وبالتالي عامل حاسم وصادم في تحقيق الانتصار أي حرب مقبلة.
ولفت خبراء عسكريون لـ”الجريدة” إلى أن “المسيرة نفذت 3 مهمات بنجاح:
الاختراق.. تصوير الأهداف المطلوبة.. العودة الآمنة الى قاعدتها، ما يجعل مسيرة “حسان” أرقى أنواع المسيرات التي تمتلك ميزات ثلاث: القدرة على الاطلاق والتحكم والعودة من دون أي ثغرات أو خلل، وهذا ما يمكن وصفه بالمهمة النظيفة والناجحة بشكل تام”.
ويشير الخبراء إلى انتشار المسيرة وفق كامل منطقة شمال فلسطين المحتلة، وتوغلها في عمق 70 كلم مربع أي 20 كلم مربع اضافة عن حدود منطقة العمليات الاستراتيجية للمقاومة التي تقدر ب 50 كلم، ما يُعد رسالة خطرة مفادها أن هذه المنطقة خاضعة للمراقبة وتحوي بنك أهداف للمقاومة، ما سيدفع العدو الى إعادة تعديل الكثير من المواقع والبنية التحتية الحساسة لديه”.
ويضيىء الخبراء على رمزية تحليق المسيرة فوق الجليل باتجاه جنوب حيفا بعمق 30 كلم مربع وعلى بعد 40 كلم من “تلأبيب”، ما يحمل رسالة بالغة الأهمية يفهمها العدو بأن الاستطلاع قد يُمهد لاقتحام الجليل بقوات برية في الوقت المناسب.
ومن نتائج العملية النوعية بحسب الخبراء، هو فشل منظومة القبة الفولاذية التي يتباهى بها العدو، ما سيضرب معنويات الجيش الاسرائيلي والثقة العالمية والاقليمية بسوق السلاح لديه في وقت تتأهب الامارات لشراء سلاح إسرائيلي بقيمة 10 مليار دولار، ما سيدفع الامارت لاعادة النظر بهذه الصفقة”.
وقد تعمّدت المقاومة في بيانها إبقاء مكان انطلاق المسيرة مجهولاً، وفتحت الباب للمستويات الامنية في “إسرائيل” لتقدير وتحليل أبعاد ذلك، بعدما وسّعَت المقاومة دائرة الاشتباك الجوي وحرب المسيرات مع العدو ليشمل كامل سماء شمال فلسطين المحتلة.
أما الرسالة الأمنية البالغة الأهمية التي يدركها العدو بحسب ما يكشف الخبراء فهي اضافة الى وظيفة الاستطلاع للمسيرات فمن الممكن أن تُستخدم لنقل ذخائر ومتفجرات لضرب الأهداف الاستراتيجية في شمال فلسطين المحتلة، كون المسيرات تتمتع بقدرة ودقة أعلى على اصابة الأهداف من الصواريخ، ما سيحدث انقلابًا كبيراً في موازين القوى الميدانية مع اسرائيل وتميل دفة الحرب لمصلحة المقاومة في أي حرب مقبلة.
ويسأل الخبراء: ماذا لم تمكن جيل جديد من “المسيرات” من الوصول الى وسط وجنوب فلسطين المحتلة وهدد الجبهة الداخلية والأهداف الاستراتيجية التي قد يهدد استهدافها وجود اسرائيل؟
ويكشف الخبراء أن المقاومة تمتلك سلاحاً متطوراً تستطيع من خلاله اسقاط طائرات حربية أو اعاقة حركة الطائرات الحربية، وبالتالي شلّ الحركة الجوية الاسرائيلية الى حد كبير، لكن السيد نصرالله ألمح اليها لكنه تعمد عدم الخوض بهذا التطور لاعتبارات تتصل بموازين القوى الاقليمية.
ويتوقف الخبراء عند ما غمز اليه نصرالله في خطابه الاخير بأن هناك أمور كثيرة سرية تحصل بين الحزب واسرائيل لا نعلن عنها، مشيرين الى أن الحزب يخوض عدة أنواع من الحروب مع اسرائيل، مثل الحرب السييرانية والاستخبارية والتكنولوجية، تجلت أحد مظاهرها في الطائرة المسيرة”.