ماذا عما بعد الخطة الأمنية؟

جريدة الأخبار

| ندى أيوب | 

تنتهي الجمعة المرحلة الأولى من الخطة الأمنية لوزير الداخلية بسّام المولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، لتبدأ مرحلة ثانية تستمر عشرة أيام جديدة، ينقسم خلالها ضباط وعناصر مفارز السير على حواجز نهارية، وضباط وعناصر مفارز التحرّي على حواجز ليلية، بعكس ما يحصل راهناً حيث تكتظّ الحواجز بعدد غير مفهوم من العناصر، وللوصول إلى انتشار أمني لأطول فترة ممكنة، مع التركيز، إلى جانب مخالفات السير، على تفتيش السيارات بحثاً عن ممنوعاتٍ أو أسلحة أو مطلوبين.

وحتى يوم الأحد الفائت، أكّد مصدر معني في مصلحة تسجيل السيارات والمركبات (النافعة) لـ«الأخبار» أنّ المصلحة استقبلت 130 دراجة نارية مخالفة واستكملت معاملاتها. وقفز الرقم الأربعاء إلى 500 دراجة تمّ تسجيلها، وفق ما أفاد مولوي في تصريحٍ تلفزيوني تحدّث فيه عن حجز ما يفوق الـ1600 دراجة، ما يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت جميعها غير مسجّلة أم أنّ «لم» الدراجات طاول الشرعي وغير الشرعي منها، كما تفيد الأخبار الواردة من أكثر من منطقة.

وواحدة من المفارقات الكثيرة التي واكبت الخطة إعطاء الأولوية لأصحاب الدراجات المحجوزة لاستكمال معاملاتها، ما جعل البعض يتمنى لو أنّ دراجته احتُجزت ليحظى بفرصة تسجيلها من دون الاستعانة بسمسارٍ لقاء تحصيل خدمةٍ من واجب الدولة توفيرها له، ومن دون انتظار طويل لمواعيد المنصة الإلكترونية، أو الوقوف في طوابير الدكوانة، في ظل تسيير مركز جونية بخمسة موظفين فقط، فيما مركز «النافعة» في الأوزاعي، وهو أساسي تعتمد عليه منطقة الضاحية الجنوبية، مُقفل منذ عامٍ ونصف عام لحاجته إلى صيانة تكلّف 80 ألف دولار يمكنه تحصيلها في أيام قليلة من العمل.

إلا أن المفارقة الأهم أن الخطة منزوعة من أي سياقٍ «إصلاحي» يمكن البناء عليه. فكلام جهاز قوى الأمن الداخلي ووزير الداخلية عن أنّ غايتها تطبيق القانون بهدف «حماية المواطن وسلامته»، يوجب طرح أسئلة كثيرة عمّا بعد الخطة، وهل سيبقى اللبنانيون يسدّدون رسوم الميكانيك من دون خضوع سياراتهم للمعاينة في سرقة علنية موصوفة، فيما تحيط شكوك كثيرة بملف تلزيم «إدارة وصيانة وتشغيل مراكز المعاينة الميكانيكية». فمنذ تشرين الثاني الماضي، تقرّر تأجيل تلزيم تشغيل المراكز لأسبابٍ قيل إنها مرتبطة باستفسارات أربع شركاتٍ حول أمورٍ غير واضحة في دفتر الشروط. مذَّاك، مرّت سبعة أشهرٍ لم تكن كفيلة بتوضيح دفتر الشروط وإطلاق المزايدة، إذا ما سلّمنا بأن هذا هو السبب الحقيقي للتأجيل. علماً أن غياب المعاينة الميكانيكية يعني أنّ السيارات والشاحنات تسير على الطرقات من دون فحصٍ يؤكّد ما إذا كانت تستوفي شروط السلامة العامة. بهذا المعنى، تراخي الدولة في تشغيل مراكز المعاينة الميكانيكية لفترةٍ طويلة هو أيضاً من موجبات «حماية المواطن وسلامته»، وهو خطر جدّي على المواطن يوازي خطر سلبه بقوة السلاح، ما دام أن كلا الأمرين قد يؤديان إلى الموت، في وقت تُغرق الأسواق بإطارات سيارات غير مستوفية للشروط أو مُستعملة يُفترض أن استيرادها مخالف للقانون.

أضف إلى ذلك، هل سيصارح وزير الداخلية الناس، في مرحلة ما بعد الخطة، حول عدم وجود دفاتر سوقٍ في «النافعة» بدلاً من تكرار عبارة «خلال شهرين سنطلق اختبارات القيادة» التي اعتادوا سماعها في أغلب تصاريحه المتعلّقة بـ«النافعة» منذ فترة طويلة، خصوصاً أنّ امتحانات لجان السوق تمّت منذ أشهر، وبقي أن تُقرّر شركة «إنكريبت» تسليم دفاتر السوق والسيارات «خلال يومين» كما وعد الوزير.