/ إيناس القشاط /
يحتفل العالم سنويا بعيد الحب في الرابع عشر من شباط، بمناسبة يعبر فيها البعض عن شعورهم بالحب تجاه الآخرين بأشكال وصور مختلفة.
لكن، يطل عيد العشاق على اللبنانيين هذا العام، بشكل خجول، فاقد لزينته المعتادة، ووسط غياب مظاهر الاحتفال، وذلك بسبب الازمة الاقتصادية التي عصفت بالبلد، فانعكست على مظاهر الاحتفال. فالأحمر لم يحتل كل الأسواق، ولم يتمركز “الدبدوب” في الواجهات.
لا دببة، ولا باقات ورد، ولا شموع حمراء. فتكلفة الاحتفال بهذا العيد، تعادل راتب موظف، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار، مما جعل أولوية المواطن، الأولى والأخيرة، تأمين لقمة العيش، في ظل الوضع الصعب الذي طال الغالبية العظمى من اللبنانيين.
وفي نظرة سريعة الى أسعار المطاعم وتذاكر الحفلات، يتبيّن أن سعر سهرة العشاء من 40 دولاراً ويصل الى 500 دولاراً. وهذا ما يظهر الفجوة الكبيرة، بين الأسعار الموجودة في السوق وقدرة المواطن المادية، ليعمّق الأزمة أكثر، ويجعل من الترفيه “رفاهية” بعيدة المنال حتى في الأعياد.
ولم تسلم االهدايا “الرّمزية” من صفعات الدولار، فرمزيتها باتت تكلف نصف الحد الأدنى للأجور، بعدما تخطت أسعار “الدباديب” والهدايا البسيطة الـ ٥٠٠ ألف ليرة لبناني.
والوردة، تلك التي كانت من الأساسيات في عيد الحب، لتكون رمز التعبير عن المشاعر الجميلة، أصبحت اليوم نوعاً من البذخ ومظهراً للثراء، بعد أن وصل سعرها الى حدود 3 دولارات، أي ما يعادل60 ألف ليرة لبنانية. وهذا ما جعل الشاب اللبناني قاصراً عن اهداء حبيبته وردة “تخبئها بكتابها”، وما عاد بإمكان “عاشقة الورد” الا الوقوف على أطلال القصائد.
اما المحال التجارية التي كانت تغلق في مننتصف الليل بسبب ضغط الزبائن، اصبح هذا العيد يمر عليهم كأي يوم عادي.
الدولار ليس وحده من يتحكم بالمواطن، فالتجار، لم يكتفوا باستغلال أوجاع الناس وحاجاتهم، عندما استغلوا أزمة الدواء والبنزين ونقص المواد الغذائية، الا أنهم استغلوا أيضاً أفراح المواطنين، وجعلوا من الاحتفال بعيد الحب حكراً على الغني فقط!
وبما ان الشعب اللبناني مخترع العجائب، ولكي لا يمر العيد على المحبين خالي الوفاض، أطلق الإخوان الثلاثة فراس وأدونيس وإسكندر عماد، حملة لدعم إنتاج التفاح اللبناني. وترتكز الحملة على استبدال باقات الورد بباقات التفاح وإيصالها إلى أي مكان يريده الزبون.
“الورد بينشم والتفاح بيتّاكل”، هو الشعار الذي رفعه أصحاب الحملة لحث اللبنانيين على استبدال باقات الورد المهداة في عيد الحب، بباقات التفاح لأنها تحمل استفادة أكبر.
وليست باقة التفاح هي البديل لهذا العيد، انما باقة الشاورما هي “القصة كلها “، فتحت عنوان “فكر وما تتسرع”، عمدت المطاعم للإستفادة من ارتفاع سعر الورد في “الفالنتاين”، بالتسويق لأفكار تجذب العشاق اليها، ولجأت الى ما يسمى باقة الشاورما، باقات برغر، وغيرها من المأكولات.
يبدو أن الظروف التي تحكم البلد، لن تقف حاجزاً أمام الزواج فقط وحسب، بل انّها ستحرم المواطن اللبناني من أن يعيش “حالة الحب” التي من المفترض أنها أهم ما يخلق في داخله نزعة الطموح..