/ جورج علم /
إنتهى الفصل الأول في “مدرسة المشاغبين” بإملاءات وعقوبات، والثاني لم يبدأ بعد بإنتظار 15 أيار.
المتميّزون أربعة، لغاية الآن، وقد يتحوّل الرقم الى أربعين، وربما مضاعفاً!
جاءنا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع، وحقوق الإنسان، أوليفيه دي شوتر، في تشرين، وأمضى في ربوعنا أياماً عشرة، إختصرها قائلا: “أنا مندهش جدّا من حقيقة أن هذه الدولة في طريقها للفشل، إن لم تكن قد فشلت بالفعل، وإحتياجات السكان لم يتم تلبيتها بعد”، متهماً سياسيي لبنان بأنهم “يعيشون في عالم خيالي، وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل البلاد. السياسيّون خذلوا شعبهم، وسرقوا موارده، وإمكاناته”.
بإمكان الرئيس نجيب ميقاتي الذي يطلب من الشعب “المزيد من التفاني والعطاء”، أن يتأكد من صحّة هذا الكلام الذي ورد في مقابلة خاصة مع “رويترز” في 10 تشرين الثاني الماضي.
وجاءنا في تشرين، المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي، محمود محيي الدين، ومكث أياماً عدّة، وقابل كبار المسؤولين، وجميع الوزراء المعنيين بالشؤون القطاعية والإقتصاديّة، وقال في ختام الزيارة: “تعكس اللقاءات التي أجريتها الأولويات الأربع التي تشكل أركان التعامل المستقبلي مع صندوق النقد، وتشكّل أيضاً إطاراً للتفاوض الذي ستقوم به الحكومة مع مصرف لبنان. والأولويات هي:
أولاً، السياسات المالية العامة، وكل ما يتعلق بإعادة هيكلة الدين العام، وإعداد موازنة منضبطة وفقاً للمعايير الدوليّة، ويكون فيها مكوّن رئيسي خاص بدعم النشاط الإجتماعي، وكل الأنشطة الخاصة بالخدمات الإجتماعية الرئيسيّة.
ثانياً، الإصلاحات الخاصة بالقطاع المالي عبر التركيز على الجهاز المصرفي، ودور مصرف لبنان، وتحديد الخسائر وفقاً لدراسات فنيّة معتمدة، وللمعايير الدوليّة.
ثالثاً، أهمية توحيد نظام سعر الصرف، وهذا يكون عادة منتجاً من منتجات الإصلاحات الإقتصادية الشاملة، الذي تجري المباشرة به، وأيضاً التوفيق في النقاش مع صندوق النقد، وفيها أيضاً قانون هام خاص بضبط التحويلات من داخل، وخارج البلاد.
رابعاً، الإصلاحات الهيكليّة، والتأكيد على موضوع الحوكمة والشفافية، والأمور القطاعية ذات الأولوية التي تحددها الدولة”.
وختم: “إذا وفقنا في وضع إطار جيّد لعرضه على الصندوق، في الأسابيع القادمة، يمكن بعد ذلك عرضه على مجلس إدارة الصندوق، ويتحدد عندها شكل البرنامج، وإطار التمويل المرتبط به، بما يكسب الثقة بالإقتصاد اللبناني، ويعيد التدفقات المالية الى سابق عهدها”.
مرّ على هذا الكلام ثلاثة اشهر، فماذا فعلنا سوى التوغل في الكيديات؟ ماذا أنجزنا سوى تبادل الإتهامات؟ حتى مشروع الموازنة غير المتطابق والمواصفات المطلوبة، تحول الى مشروع فتنة بين رئيس يؤكد على أنه إقرّ في مجلس االوزراء، وفريق من الوزراء يقول “ما شفنا حاجة”؟!
وجاءنا في تشرين، المنسّق الأعلى للسياسة الخارجيّة والأمن في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يقول لنا: “إن الإتحاد أقر في الثلاثين من تموز الماضي إطاراً قانونيّاً لفرض عقوبات على أفراد وكيانات في لبنان، من شأنه أن يوفر إحتمال فرض عقوبات على المسؤولين عن تقويض الديمقراطيّة وحكم القانون”.
ووفق نص البيان الأوروبي فإن “المستهدفين ليسوا فقط من يعرقل الإصلاحات المطلوبة، بل حتى من يمكن أن يعرقل حصول الإنتخابات”. بمعنى أن التحذير ورد إستباقيّاً، وسبب هذه الإضافة يعود “للمخاوف الأوروبيّة من أن أطرافاً لبنانية قد تكون ساعية لمنع حصول إنتخابات بذرائع شتى”.
وجاءنا الرئيس سعد الحريري نهاية كانون المنصرم يعلن عزوفه عن خوض الإنتخابات، متذرعاً بطائفة من التبريرات والإتهامات.
بعد الحريري، العين على جبران باسيل.هل يقدم، أو يحجم؟ الجواب رهن الوساطة التي تقوم بها دولة خليجيّة نافذة مع الإدارة الأميركيّة لرفع العقوبات، مقابل التخلّي عن ورقة “مار مخايل”!… أما العين الأخرى فعلى مشروع الموازنة – (الفتنة) – إما أن تكون وفق المواصفات التي حددها محمود محيي الدين، أو تكون بداية شلال هادر بالعقوبات!…
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين يقول: “إن الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني، مرتكبوه معروفون، والقائمة تطول، والحساب آت”!