| مرسال الترس |
كان واضحاً أن التواصل كان شبه مفقود، منذ نحو عقدين من الزمن، بين رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي والعاصمة السورية. لا بل إنه مرّ في نفق مظلم منذ بدء الحرب الكونية على دمشق في العام 2011، لتبدأ معها مرحلة معقدة من العلاقات المتشابكة المرتبطة بنزوح شرائح واسعة من الشعب السوري إلى لبنان، حيث لا توجد إطلاقاً أية أرقام دقيقة (أحدث الاحصاءات تتحدث عن مليونين ونصف).
لم تشأ الحكومة اللبنانية، التي يرأسها ميقاتي منذ ثلاث سنوات، فتح أي باب للتواصل مع الجانب السوري، إلاّ مواربة. نظراً لعلامة الاستفهام الكبيرة التي تحيط بالعلاقة بين ميقاتي وكبار المراجع في دمشق. مع أن الكثير من النصائح، داخلياً وخارجياً، كانت تُعطى للمسؤولين اللبنانيين بوجوب التواصل مع الشام، ولكن قاطني العاصمة بيروت كان يديرون الأذن الصماء.
مطلع هذا الأسبوع، تزامن انتشار خبرين:
الأول يشير إلى أن ميقاتي قد عدل عن فكرة المشاركة في مؤتمر دولي سيعقد في العاصمة البلجيكية للبحث في ملف النازحين السوريين، من دون إعطاء أية تفسيرات.
الثاني ما كشفته المستشارة الخاصّة للرئيس السوري لونا الشبل عن اتصالات تلقّاها رئيس الحكومة السوريّة حسين عرنوس من ميقاتي!
ويضيف الخبر الثاني أن التواصل الهاتفي بين الرجلين تضمن اتفاقاً على عقد لقاءٍ، يجمع ميقاتي مع الوفد المرافق للرئيس بشار الأسد إلى القمّة العربيّة.
الواضح أن هناك قفزة نوعية في سياق العلاقات الرسمية بين البلدين، ولكن اسئلة عديدة ظهرت إلى السطح، ومن أبرزها:
*يبدو أن هناك فتح نافذة في تلك العلاقات، منذ قررت الحكومة اللبنانية التي تصرّف الأعمال تكليف المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري بمتابعة الملف مع الجانب السوري.
*لماذا جرى الإعلان عن التواصل من قبل الجانب السوري فقط، فيما الجانب اللبناني لم ينبس ببنت شفة؟
* هل أراد الجانب اللبناني إبقاء الأمور طي الكتمان، خوفاً من ردة فعل الغرب الذي ما زال يناصب سوريا العداء والعقوبات؟
*طالما أن ميقاتي هو رئيس الوفد اللبناني إلى القمة، فلماذا لا يتاح له الاجتماع مع رئيس الوفد السوري، أي الرئيس بشار الأسد، وليس مع الوفد المرافق، إذا كانت المياه قد بدأت تعود الى مجاريها؟
* هل إن ما يجري هو اختبار من الجانب السوري لنوايا الجانب الرسمي اللبناني، قبل أية خطوة لاحقة؟
*هل يمكن القول إن الجانب السوري حذر جداً في التعامل، رغم براغماتيته المطلقة في التعامل مع أية أمور مهما عظمت، مع ميقاتي الذي يتربع على عرش تمثيل لبنان منذ سبعة عشر شهراً، ارتباطاً بماضي العلاقة بين الجانبين؟
إنها نماذج بسيطة مما يجري طرحه من أسئلة، مع العلم أن الجانب السوري قد تخطى الكثير من العقبات الشكلية في مراحل سابقة، ارتبط بعضها بالعلاقة مع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون. فهل يمكن أن يحصل ما يشبهها مع الرئيس ميقاتي؟
* الآراء الواردة في المقالات تعبّر عن رأي كاتبها ولا يتحمّل موقع “الجريدة” أي مسؤولية عن مضمونها *