بسبب طلاق مالي بين نقابتَي الأطباء في بيروت وطرابلس: الأدوية تتكدّس على المعابر

جريدة الأخبار

| فؤاد بزي | 

بسبب وقوع الطلاق التام بين نقابتَي الأطباء في بيروت وطرابلس، تتكدّس الأدوية المستوردة على المعابر الحدودية البحرية والجوية. يحصل هذا الأمر منذ عودة الدوائر الرسمية إلى العمل بعد عطلة عيد الفصح. فقد تعرقلت معاملات تخليص الأدوية من الجمارك على خلفية «رسم النقابة» بعدما قرّرت نقابة أطباء طرابلس تحصيل حصّتها من هذا الرسم مباشرة، ما يعفيها من انتظار أن تمنّ عليها نقابة بيروت بتسديد ما يستحق لها من حاصلات الرسم. هكذا أصبح تسديد الرسم لأيّ شحنة تأتي إلى مرفأ بيروت أو مرفأ طرابلس أو جواً عبر مطار بيروت، يتطلّب توقيعين من نقابتَي الأطباء، أحدهما في طرابلس والآخر في بيروت، ما عقّد عملية تخليص البضائع.هذه الإشكالية تعود إلى عام 2019 حين قرّر مجلس نقابة أطباء بيروت خفض حصّة نقابة أطباء طرابلس من عائدات «رسم النقابات» إلى 16% بعدما كانت 25%. عندها قررت نقابة طرابلس السير في التقسيم والتفاوض على إعادة رفع نسبتها من الرسم. وبعد 3 سنوات من المفاوضات، وفي خضم الانهيار الاقتصادي، اتفق الطرفان على رفع حصّة نقابة طرابلس إلى 20% مقابل 80% لنقابة بيروت. لكنّ التوافق لم يحلّ المشكلة، إذ إن «نقابة بيروت استمرت بتحصيل نسبة 100% من الرسوم، وتتأخر بإعطاء طرابلس حصتها التي تدفع بشكل سنوي وتحسم 15% منها بحجة بدل التحصيل»، يقول نقيب الأطباء في طرابلس الدكتور محمد صافي. ويشير إلى أن خسائر نقابة طرابلس من تلازم المسار مع بيروت كبيرة: «خلال الأعوام الممتدة من 2019 حتى 2021، بلغت حصة طرابلس من رسم النقابات 4 مليارات ليرة، دفعتها نقابة بيروت بشيك مصرفي، ورسوم عام 2022 التي بلغت قيمتها 8 مليارات ليرة دفعت في أيار من عام 2023، أما أموال العام الماضي، فلم تحصّل حتى الآن»، وفقاً لصافي، و«هذا الانتظار الطويل لتحويل الأموال أدّى إلى خسارة قيمتها كونها تحصّل بالليرة، ما يعني وقوع نقابة طرابس في خسائر أكبر».

لذا درست نقابة الشمال موقفها القانوني والمالي، وقرّرت أن تحصّل عائداتها من الرسم مباشرة بدلاً من أن تقوم نقابة أطباء بيروت بتحصيله نيابة عن النقابتين. وبالفعل، أتى قرار الفصل في عام 2022 بموافقة وزيرَي الصحة والمال، إلا أنه ظلّ حبراً على ورق بسبب رفض نقابة بيروت تطبيقه. وفي 29 نيسان 2024، اتخذ المجلس الأعلى للجمارك قراراً حمل الرقم 2799/2024، تقرّر بموجبه فصل تحصيل الرسوم بين النقابتين وتفريع بند التحصيل في البيانات الجمركية إلى قسمين: «نقابة أطباء لبنان في بيروت»، و«نقابة أطباء لبنان في طرابلس». إنما في لحظة إتمام الفصل، وقعت الشركات المستوردة ومخلصو المعاملات في الإرباك، إذ دفع المستوردون رسم النقابات كاملاً لدى النقابة في بيروت وفقاً لما كان معمولاً به سابقاً، إلا أن الجمارك رفضت إخراج البضائع من دون ختم نقابة أطباء طرابلس عليها إلى جانب ختم نقابة أطباء بيروت.

هكذا، بدأ الأخذ والرد بين المستوردين والجمارك والنقابتين. الشركات ترى أنّها دفعت نسبة 100% من الرسوم ولا تتحمل بالتالي وزر المشكلة المستجدة، وتريد إخراج بضائعها بأسرع وقت ممكن من المطار والمرفأ حتى لا تدفع أرضيات إضافية، بينما تنفذ الجمارك قرار مجلسها الأعلى بالفصل بما يتوافق مع ما سعت إليه نقابة أطباء طرابلس.

إزاء هذه الفوضى، تدخّلت نقابة مستوردي الأدوية وأعلمت أعضاءها عبر البريد الإلكتروني أن نقابة طرابلس موافقة على عدم دفع الشركات أيّ مبالغ إضافية عن البضائع التي وصلت قبل صدور قرار المجلس الأعلى للجمارك في 29 نيسان الماضي، وطلبت منهم التوجه إلى نقابة أطباء طرابلس لتحصيل الختم لإخراج الأدوية من المطار والمرفأ. لكن في اليوم التالي، تراجعت نقابة مستوردي الأدوية عن البريد الأول، وأرسلت بريداً ثانياً طلبت فيه من الشركات «انتظار انتهاء الاجتماعات في نقابة أطباء طرابلس بسبب وجود تعقيدات تحول دون ختم المعاملات». غير أن الشركات المستوردة لم تنتظر انتهاء المفاوضات، وعمد عدد منها أمس إلى دفع حصّة نقابة أطباء طرابلس من رسم النقابات المقدّرة بـ 20% لتحصيل موافقة الجمارك على إخراج الأدوية، فأرسلت مندوبيها إلى مقر نقابة الأطباء في طرابلس لدفع الرسم وختم المعاملات بسبب عدم وجود مندوبي النقابة في بيروت سوى يومَي الأربعاء والجمعة من كلّ أسبوع.