| غاصب المختار |
“من فمهم نُدينُهم”
يوجّه عدد كبير من ضباط جيش الاحتلال، والمراسلين والمعلقين العسكريين والسياسيين، إدانة كبيرة لرئيس حكومة الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، على طريقة خوضه الحرب على غزة وفي جبهة لبنان، ويكشفون ما يصفونه كذب المعلومات التي توزع للجمهور عن سير الحرب وخسائر الجيش، وكان آخرهم “مفوض شكاوى الجنود” السابق اللواء المتقاعد اسحاق بريك، الذي كشف الكثيرمن المعلومات “التي يعرفها نتنياهو عن قرب انهيار دولة اسرائيل عسكرياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، إذا استمر القتال على وتيرته، وحتى من دون مفاجآت إضافية من حركة حماس وحزب الله”، بحسب قوله لصحيفة “معاريف العبرية”.
أخطر وأهم ماكشفه الجنرال الكبير السابق ان حركة “حماس” عادت لتسيطر على كثير من مناطق قطاع غزة التي احتلها الجيش الصهيوني، ثم انسحب منها نتيجة قلة العديد والارهاق ونشر الفرق أو الألوية في قطاعات أخرى. ولائحة “الاسرائيليين” الذين يعترفون بالفشل والهزيمة وبالخوف من الانهيار الكبير، طويلة، ويكشفها يومياً الإعلام العبري. ووجه الجنرال تحذيراً لنتنياهو بقوله: “نتنياهو يفهم جيداً أنه طالما استمرت حرب الاستنزاف ضد حماس، فإن حزب الله سيستمر أيضاً في إنهاك قواتنا على الحدود الشمالية، وهذا له آثار خطيرة جداً “.
لا شك أن نتنياهو يلعب آخر أوراقه “صولد”، سياسياً وعسكرياً، فهو يدرك أنه أصبح عملياً خارج اللعبة السياسية الداخلية، وينتظره مصير أسود في حال أوقف الحرب على غزة، وكل الكلام الأميركي والأوروبي الموجه لحكومة الاحتلال يصب في خانة عدم التصعيد، وهو الأمر الذي يُربك نتياهو أكثر، فلا يستطيع الاندفاع إلى الحد الأقصى ولا يستطيع تحقيق أي إنجاز يُذكر، حتى في عملية اجتياح منطقة رفح التي يخطط لها منذ أشهر، هو مُقيّد بعوامل سياسية وعسكرية وضغوط داخلية وخارجية خشية حصول مزيد من المجازر، التي تزيد من إحراج الدول الغربية امام الرأي العام الصاخب والغاضب من استمرار دعم “اسرائيل” بالسلاح والعتاد والمال وحتى المتطوعين المرتزقة.
أصبحت الخيارات ضيّقة ومحدودة أمام نتنياهو، ولعل هذا الأمر يدفعه إلى محاولة التقليل من الخسائر وتحقيق القليل من “الإنجازات” الممكنة، وبخاصة لجهة ما أعلنه الوسيط الأميركي عن “تنازلات إسرائيلية في المفاوضات”، واضطراره إلى الموافقة على تحرير ما تبقى من أسرى لدى المقاومة الفلسطينية، بعدما ضحّى بالعشرات منهم في حربه المجنونة، فسقط معظمهم إما بنيران جيش الاحتلال، وإما من المرض وقلة الغذاء والدواء.
وهنا تبرز أهمية ما قاله الجنرال اسحق بريك بأنه “ليس لدينا إجابة محددة حول كيفية حماية مواطني البلاد”، في تبيان لحجم الكارثة التي أدخل نتنياهو الكيان الاسرائيلي في دوامتها، والمتعلقة بالتساؤل حول استمرارية وبقاء هذا الكيان، بعدما استعادت القضية الفلسطينية ألقها الدولي، وعاد الالتفاف الشعبي الواسع حولها كنقيض لما تعانيه “اسرائيل” من عزلة كبيرة.
* الآراء الواردة في المقالات تعبّر عن رأي كاتبها ولا يتحمّل موقع “الجريدة” أي مسؤولية عن مضمونها *