| ندين النجار |
في مثل هذا الوقت من كل عام، يكون الشعب الفلسطيني في أرضه المحتلة على موعد مع مواجهة لحماية المسجد الأقصى من الطقوس الدينية المزعومة التي يُمارسها اليهود عامةً والمتطرفين خصوصاً، بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي يقومون فيها بالاعتداء على المسجد الأقصى والمصلين، بمناسبة “عيد الفصح اليهودي”.
عيد الفصح اليهودي هو أحد الأعياد الرئيسية في الديانة اليهودية، ويُحتفل به لمدة 7 أيام بدأ من 15 نيسان حسب التقويم اليهودي، لإحياء ذكرى خروج بني إسرائيل، هرباً من فرعون بقيادة النبي موسى من مصر الفرعونية، على مدار 7 أيام من دون خميرة كما أمرهم الله وبمثابة شكر له، على إنقاذهم من فرعون، على حد زعمهم.
ولهذا السبب يلتزم اليهود بمجموعة من التقاليد كل عام نسبةً لعيد الفصح اليهودي، وهذه التقاليد هي:
• يصوم اليهود اختيارياً اليوم الذي يسبق عيد الفصح، وتسمى عشية العيد باسم ليلة المنهاج (ليل هسيدر).
• يمتنع اليهود في هذا العيد عن أكل الخبز أو أي طعام مصنوع من الخبز المختمر، ويكتفون بتناول فطيرة “ماتساه”، كرمز لاستعجال اليهود بالخروج من مصر وعدم انتظار انتفاخ العجين.
• شرب 4 كؤوس من الخمر خلال قراءة نصوص كتاب “الهجداه”، وهو من أكثر الكتب التقليدية انتشاراً عند اليهود.
ويُعدّ هذا العيد من أكثر المناسبات أهمية لدى اليهود، لإرتباطه بما يسمونها قرابين “الشكر لله” على إنقاذ بني إسرائيل حسب تفسيرهم، ويمتد الفصح “عيد العبور” كما يسمونه بالعبرية، لمدة 7 أيام، تبدأ بتاريخ 23 نيسان 2024.
وقامت جماعات الهيكل المتطرفة بحشد أنصارها لتنفيذ اقتحامات جماعية لساحات المسجد الأقصى، تزامناً مع الأوضاع الصعبة التي يُعاني منها الشعب الفلسطيني في القدس وغزة والضفة الغربية.
وفي إطار تحضيراتها هذا العام، قدمت منظمة “عائدون إلى جبل الهيكل” طلباً رسمياً لشرطة العدو الإسرائيلي، للسماح لها بذبح “قُربان الفصح” داخل المسجد الأقصى المبارك، في صحن مصلى قبة الصخرة أو على مقربة منها، بعد الانطلاق من ساحة البراق نحوه.
وقدمت المنظمة إغراءات ومكافآت مالية ضخمة لمن ينجح من المستوطنين في تهريب وذبح القرابين داخل الأقصى خلال عيد الفصح، وتصل قيمة المكافأة إلى أكثر من 50 ألف شيكل أي ما يُعادل (13 ألف دولار أميركي).
أما منظمة “جبل الهيكل بأيدينا” فبدأت منذ أسابيع بنشر إعلانات على مواقع التواصل الإجتماعي تدعو فيها المتطرفين إلى إقتحام الأقصى خلال عيد الفصح.
وجاء في الإعلانات أن وسائل النقل ستكون مدعومة، وأن اقتحاماتهم للمسجد الأقصى ستكون مؤمنة، واعدةً إياهم بجولات وصفتها بـ”المثيرة” داخل المسجد، ودعتهم لتنفيذها دون ارتداء أحذية جلدية “لقداسة المكان”، بحسب زعم اليهود.
ونشرت المنظمة برنامج عيد الفصح وجولاتها التي أدرجتها تحت عنوان “الحج إلى جبل الهيكل مع أفضل المرشدين”، واضعةً في تصميم الإعلان صورة كأس نبيذ أمام مصلى قبة الصخرة المشرفة.
وأعلن المتحدث باسم منظمات الهيكل المتطرفة آساف فريد عبر صفحته “فيسبوك” أن “على الجميع الصعود إلى جبل الهيكل ومن دون حذاء جلدي.. سيادتنا على جبل الهيكل أول مكان يجب إصلاحه، والأمر بين أيدينا في عيد الفصح لتخليصه”.
وتتزامن هذه التحضيرات مع إعلان الشرطة الصهيونية إتمام استعداداتها، عبر نشر 3000 جندي، بالإضافة لمتطوعين وقوات إضافية في غربي وشرقي المدينة، وفي أزقة البلدة القديمة بهدف “إتاحة ضمان حرية العبادة للمصلين الذين يتوافدون إلى الأماكن المقدسة”.
“البقرة الحمراء” تعني تدمير الأقصى؟
أحد الخرافات التي يؤمن بها اليهود ويسعون إلى تحقيقها كل عام، هي خرافة البقرة الحمراء التي يعتقدون بوجوب ذبحها في باحة المسجد الأقصى، ليتم بعدها دخول ملايين اليهود وهدم الأقصى، وبناء الهيكل الثالث التابع لهم.
ويبحث اليهود كل عام على خمس بقرات بمواصفات معينة، لذبح واحدة منهم في إحتفال خاص في جبل الزيتون، حيث تُذبح البقرة وتُرش دمائها بإتجاه المسجد الأقصى سبع مرات مما يؤدي إلى تطهيرهم على حد زعمهم.
وتمتلك البقرة التي يبحث عنها اليهود مواصفات معينة وهي:
• تمتلك شعر أحمر
• لم تحمل وتلد من قبل
• لم تُحلب
• وُلِدت ولادة طبيعية
• لم يوضع حبل في رقبتها
• ولدت على أرض “إسرائيل”
عيد الفصح اليهودي في الأعوام السابقة:
لم يكن عيد الفصح اليهودي خلال العامين الأخيرين هادئاً في ساحات ومصليات أولى القبلتين، بل تخلله الكثير من الإعتداءات من قبل المستوطنين في القدس والمسجد الأقصى:
– في العام 2022 تزامن عيد الفصح اليهودي مع شهر رمضان المبارك، حيث إقتحم الأقصى 3760 متطرف وإعتدوا على المُصلين وأدوا طقوساً وصلوات تلمودية، وضبطت نحو 15 محاولة تهريب للقرابين الحيوانية إلى المسجد قُبيل الفصح وخلاله.
– واقتحمت قوات الاحتلال المسجد الأقصى خلال صلاة فجر الجمعة الموافق 15 نيسان، واعتدت على 30 ألف مصلّ بشكل وحشي، مما أسفر عن وقوع 158 إصابة واعتقال 476 من المعتكفين داخل المصلى القبلي بعد اقتحامه.
– وفي عام 2023 اقتحم المسجد الأقصى خلاله 3430 متطرفا ومتطرفة أدوا طقوساً وصلوات تلمودية، وارتدى كثيرون منهم الملابس التوراتية البيضاء.
عيد الفصح اليهودي 2024
وفي هذا العام، اقتحم 228 مستوطناً المسجد الأقصى أمس، عشية عيد الفصح، حيث أدوا صلواتهم وقرأ بعضهم سفراً خاصاً بذبح القربان يسمونه “أمر ذبيحة الفصح”.
وتقدم 15 حاخاماً برسالة إلى رئيس الوزراء في حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن إيتمار بن غفير، يطالبون فيها بالسماح بذبح قربان عيد الفصح في المسجد الأقصى، زاعمين أن المصلحة العليا تكمن في الذبح، وأن “تقديم الذبيحة في جبل الهيكل أهم وصايا التوراة”.
خطورة هذا العيد على المسجد الأقصى
تكمن خطورة هذا العيد على المسجد الأقصى في محاولات اليهود المُستمرة لزيادة الطقوس الدينية التي يمارسونها، بدءًا بالنفخ بواسطة البوق، والصلاة التلمودية، وتقديم القرابين النباتية وصولاً إلى تقديم القرابين الحيوانية وهي ذبح البقرة في باحة المسجد الأقصى.