بعد أيام من بدء “حزب الله” تنفيذ عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي على طول الحدود مع فلسطين المحتلة في الثامن من تشرين الأول الماضي، ومبادرة العدو إلى تنفيذ غارات جوية وقصف مدفعي، تحوّلت مناطق عمل قوات الـ”يونيفل” إلى منطقة عمليات عسكرية، ما فرض تحديات على قيادة وأفراد القوات الدولية المؤلّفة من جنسيات مختلفة. وإلى الإجراءات الاحترازية التي لجأت إليها القيادة العسكرية بما خصّ تحرك القوات ودورياتها، ظهرت تحديات أخرى تتعلق بعدد غير قليل من الموظفين الدوليين المدنيين الذين يقيمون في لبنان مع عائلاتهم أو مع أفراد من عائلاتهم.
قبل التحرير عام 2000، كانت غالبية هؤلاء تقيم في شمال فلسطين المحتلة. وبعد إقفال المعابر الحدودية، اضطروا لنقل أماكن سكنهم إلى جنوب لبنان، وارتفع عددهم بعد عام 2006 مع زيادة عديد القوات الدولية من مدنيين وعسكريين، واختار معظمهم السكن في مدينة صور ومحيطها أو في بيوت خاصة في قرى ساحلية قريبة من مركز قيادة القوات في الناقورة.
وبناءً على التطورات العسكرية والأمنية، صدر قرار بإجلاء العائلات إلى بيروت، وصار كثيرون من العاملين يذهبون صباحاً إلى الجنوب ويعودون مساء إلى العاصمة. ولجأت قيادة القوات إلى طلب دعم مادي لهذه العملية، ووُضعت موازنة طارئة تكفي لتغطية ستة أشهر، على خلفية أن الحرب لن تطول كل هذه المدة.
مع انقضاء الشهر السادس على الحرب، وتوسع دائرة الاعتداءات الإسرائيلية، راسلت قيادة القوات الدولية الجهات المعنية في الأمم المتحدة طالبة تجديد المنحة الطارئة، وكان الجواب بضرورة ترحيل الموظفين عائلاتهم إلى بلادهم كون الموازنة لا تغطي السكن البديل، وليس هناك توقع لأفق الحرب. واضطر ذلك القوات الدولية التي لم تصنف منطقة صور وقراها كمنطقة حرب إلى إعادة كثير من الموظفين للمداومة في مراكز عملهم في منطقة جنوب الليطاني.
يشار إلى أن قوات الطوارئ الدولية اضطرت لإدخال تعديلات على برامج عملها في ضوء ما يجري في الجنوب، وهي تسعى إلى تعزيز التواصل اليومي مع الجيش وقوى الأمن الداخلي ومع الجهات الحزبية والبلدية العاملة في تلك المنطقة، ومع “حزب الله” على وجه الخصوص، وتسعى إلى تبرئة ساحتها من أي اتهام أو شكوك حول تورط بعض وحداتها في أنشطة استطلاعية يبدو أن العدو استفاد من نتائجها في مواجهته مع المقاومة، ويجري التدقيق في هذا الأمر في ضوء معلومات ذات طابع أمني.
وقد بادرت الوحدات غير المعنية بهذه الأنشطة إلى الطلب من قيادة القوات اتخاذ إجراءات كفيلة بطمأنة حزب الله في الجنوب، خشية تعرض جميع أفراد القوات الدولية لردود فعل غاضبة.