|رلى إبراهيم|
قال رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب لـ«الأخبار»، إن «المهلة الأخيرة للبتّ في الطعون (بشأن الموازنة) تنتهي يوم الإثنين المقبل، بينما يبدأ العدّ العكسي لغربلة الصياغة ابتداء من اليوم»، إلا أن مصادر مطّلعة نقلت عن أكثر من قاضٍ في المجلس، أن المهلة تنتهي اليوم الخميس، وأن هذا الأمر يوجب على المجلس إصدار قراره في كل الطعون المقدّمة من النواب بشأن عدد من بنود الموازنة. في الواقع، يدرس المجلس منذ أكثر من شهر، خمسة طعون مقدّمة تباعاً؛ أولها الطعن الذي تقدّم به نواب كتلة الجمهورية القوية، ثم طعون مقدّمة من كتل «الكتائب» و«تجدّد» و«تحالف التغيير» بالإضافة إلى طعون مقدّمة من نواب التغيير ومستقلين. وكان لافتاً أن أسماء النواب الموقّعين على الطعون تكرّرت في أكثر من طعن، وأن كل طعن يختلف عن الآخر، باستثناء أحد الطعون الذي يصيب موازنة 2024 ككل بموادها الـ95 نظراً إلى عدم دستوريتها بعد إقرارها في ظل عدم وجود قانون قطع حساب لعام 2023.
تعامل المجلس الدستوري مع الطعون باعتبارها طعناً واحداً، سواء بالنسبة إلى المهلة الدستورية الممنوحة له للبت في الطعون، أو في مضمونها لجهة تفنيد بنود الموازنة المطعون فيها مرّة واحدة. لهذا السبب اعتبر المجلس أن مهلة البت في الطعن تبدأ مع تقديم الطعن الأخير، وبرّرت مصادر قضائية هذا الأمر بالإشارة إلى أن كل طعن يفتح الباب أمام درس كل بنود الموازنة، وبالتالي فإن كل الطعون المقدّمة هي بمثابة طعن واحد، واعتبرت أنه الأجدى التعامل مع كل الطعون دفعة واحدة طالما أن الموضوع يتعلق بالموازنة. لكن هذا الأمر لا يوضح سبب التفاوت بين عدد من قضاة المجلس ورئيس المجلس في تحديد المهلة الزمنية لبتّ الطعون، إلا إذا كان الفرق في الحسابات يعود لأيام العطل.
وبحسب الطعون المقدّمة، فإن المواد المطعون فيها هي: المادة 36 المرتبطة بالرسوم البلدية على الوحدات السكنية وغير السكنية، المادة 45 المتعلقة بفرض غرامات على المخالفين لمبدأ الولوج إلى الشاطئ، المادة 72 التي تنص على فرض غرامات على الشركات والأفراد المتخلّفين عن سداد الضريبة، المادة 94 التي تتعلق بفرض ضريبة استثنائية على المستفيدين من سياسة الدعم التي اعتمدها مصرف لبنان، المادة 93 القاضية بفرض ضريبة استثنائية على الأرباح التي نتجت عن عمليات صيرفة، المادة 10 التي تحظر إعطاء سلفات خزينة خلافاً لأحكام المواد 203 ولغاية 212 من قانون المحاسبة العمومية. المادتان 39 و40 المتعلقتان بتعديل طابع المختار، المادة 56 القاضية بتعديل قرار إدارة وبيع أملاك الدولة. المادة 69 المتعلقة باستمرار الإعفاء من الرسوم للسيارات والمركبات والآليات غير الملوّثة للبيئة من جميع أنواع الهجينة بما فيها تلك العاملة على الكهرباء والبنزين معاً. المادة 83 المتعلقة بفرض رسوم على دخول الشاحنات الأجنبية إلى لبنان. المادة 86 القاضية بتخفيض معدّل الضريبة على أرباح التفرّغ عن العقارات. المادة 87 المتعلقة بإجراء تسوية على التكاليف غير المسدّدة المتعلّقة بضريبة الدخل وبالضريبة على القيمة المضافة أمام لجان الاعتراضات، والمادة 91 التي تنيط بمجلس الجامعة اللبنانية تحديد الرسوم والبدلات.
استندت بعض الطعون إلى مبدأ تحوير الحقائق عبر تغيير صيغة بعض المواد التي أُقرّت في الهيئة العامة، وعلى رأسها المواد المتعلّقة بفرض ضريبة استثنائية على أرباح صيرفة تخضع لها شركات الأموال وأقرّت بنسبة 25% خلال الجلسة كما أكّد بعض النواب، بينما وردت في النص النهائي لقانون الموازنة العامة مخفّضة إلى 17%، في ما يمكن اعتباره «خدمة لأصحاب الأموال». أيضاً، تطرقت بعض الطعون إلى وجود صياغة نصوص إضافية على بعض المواد الضريبية، وخصوصاً تلك المتعلقة بالمستفيدين من تعميم صيرفة لجهة ربطها بقرار من وزير المالية. والأهم عدم إعلان أرقام النفقات والإيرادات وعدم التصويت عليها. لذا، طلب النواب بولا يعقوبيان، حليمة قعقور، سينتيا زرازير، عبد الرحمن البزري، أسامة سعد، سجيع عطية، عماد الحوت، شربل مسعد، الياس جرادي، نبيل بدر، من المجلس الدستوري الإقرار بمبدأ علانية الجلسات وفرضها على مجلس النواب لضمان عدم تحوير الحقائق.
أما بخصوص القرار المرتقب اليوم، فتؤكد المصادر أنه رغم عدم دستورية إقرار موازنة 2024 بلا قطع حساب، لن يوقف المجلس الدستوري العمل بالقانون حتى لا يتم تطيير الموازنة من أساسها لما سيسببه ذلك من أضرار على الموظفين بشكل عام، لأنهم لن يتمكنوا من قبض رواتبهم. ومن المرجّح أن يأتي رفض الإبطال تحت عنوان «استمرارية عمل مرافق الدولة» رغم أن المسألة تشكّل حالة شاذّة، وهو ما سبق أن حصل في السنوات السابقة، إذ أبقى المجلس قانون الموازنة بحجّة أن الظروف الاستثنائية لا تسمح بإنجاز قطع الحساب.
لكنّ هذا الأمر لا ينطبق على بعض المواد المطعون فيها، والتي سيتم إبطالها مثل المادة المتعلقة بإعفاء السيارات العاملة على الكهرباء والبنزين معاً من رسوم الجمارك، لأنها تُعتبر كالسيارات العادية وليست صديقة للبيئة، كما أنه سيتم إبطال المادة المتعلقة برسوم الجامعة اللبنانية لأن «الدستوري» يعتقد، بحسب المصادر، أنها لا تحتاج إلى قانون صادر عن مجلس النواب، بل إلى قرار صادر عن مجلس الجامعة الأعلى، وموقّع من رئيس الجامعة ووزير التربية. وثمة من يؤكّد اتجاه المجلس الدستوري لغاية أمس، على إبقاء الضريبة الاستثنائية على أرباح صيرفة بنسبة 17%، والتي شكّلت معضلة بعد أن تفاوتت آراء النواب بين من أكّد إقرارها بنسبة 25% ومن رأى أنها أُقرّت بنسبة 17%. وهنا يفترض أن يكون المجلس الدستوري قد طلب العودة إلى المحاضر واستمع إلى التسجيلات وأبدى رأيه النهائي في هذه المادة سنداً إلى ذلك. لكنّ المصادر تقول إن النقاش لم يكن قد حُسم بعد بشأن الإقرار بدستورية المواد المتعلقة بفرض ضريبة على الشركات المستفيدة من الدعم.