/ جورج علم /
معادلة “س.س” في البال، لكن هل هي بعيدة المنال؟
ينطلق الخليجيّون، من وقائع: إذا كانت السعودية تجلس وجهاً لوجه مع إيران، وإذا كانت إسرائيل تجلس وجها لوجه مع العرب، فلماذا ما هو مسموح لإيران، وإسرائيل، ممنوع على سوريا؟ وما الضرر أن يجلس السعودي مع السوري لطي الصفحة؟!
مسقط على إستعداد لأن تكون العاصمة الحاضنة. كانت هذه الرغبة جزء من المهمة التي قام بها وزير الخارجية بدر بن حمد البوسعيدي. تحدّث في دمشق عن إحياء التضامن العربي، وعودة سوريا الى مجلس الجامعة، إنطلاقا من ضرورة ترميم العلاقات السعوديّة ـ السوريّة. حجته أن بعض الخليج سبق الرياض، وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد كان في قصر المهاجرين، في تشرين الثاني الماضي، وعادت السفارة الإماراتية الى العاصمة السورية بكامل طواقمها، وكذلك سفارة مملكة البحرين…
لا حديث مباشرا عن إعادة معادلة “س.س” الى لبنان. لا أحد يتعاطى مع أوهام على أنها حقائق، حتى وإن كانت الرغبة موجودة لدى البعض، فالإمكانية غير متوافرة لأسباب:
أولها أنه بعد خروج الرئيس سعد الحريري من المعادلة، هناك عملية خلط أوراق بإتجاهين:
- داخلي، حول من هو المكوّن الميثاقي الثاني الذي سيخرج من المعادلة بعد “المستقبلي”، وتدور حوله علامات إستفهام حول حاضره ومستقبله السياسي على غرار ما يدور حاليا ضمن المكوّن السنّي؟
- خارجي، هل يستمر التنصل السعودي ـ الخليجي من الواقع اللبناني، والى متى؟ ثم لمن يسلّم “الفراغ” الذي يحدثه؟ لتركيا، لسوريا، لمن؟…
الثاني، أن دمشق لم تعد لسوريا وحدها، هناك أطراف دوليّة وإقليميّة تلعب في الميدان. وإن كان صوت “القيصر” أقوى نبرة. لا تمانع روسيا من عودة معادلة “س. س”، شرط أن تكون تحت رعايتها. وإذا كان الأمر متعذّراً راهنا، فلا مانع من التأكيد على أن معادلة “رو- سوريا” (روسيا ـ سوريا)، بدأت تفصل على البيدر اللبناني، ما بين القمح والتبن، وتنتظر اليوم الذي يصلح لإجراء جردة حساب.
الثالث، إذا كان الأميركي يقدّم أوراق إعتماده الى طهران، والإسرائيلي الى الخليج، فلماذا لا يفعّل الروسي خط بيروت ـ دمشق، بكل أبعاده الإستراتيجيّة؟
“الجار” الروسي في حميميم، وطرطوس له حسابات منها:
أ ـ لا قاعدة لإيران على المتوسط لا في خليج سوريا، ولا في خليج لبنان. وأكبر المتضررين من إنفجار مرفأ بيروت هو المحور الإيراني، لأن ما كان له في المرفأ قبل الإنفجار، لن يعود له بعده. أصبح هذا المرفق الحيوي في عهدة مظلة دولية، عينها بصيرة، ويدها قديرة.
ب ـ فشلت إيران في توثيق عرى التضامن داخل المجتمعات التعدديّة، سواء في العراق، أو في سوريا، أو في لبنان. ومن تعوّل عليهم كحلفاء، كانوا قيمة ضمن مكونات مجتمعاتهم قبل عصر “الثورة “.
ج ـ إن الطريق السريع ما بين واشنطن وطهران، والذي يحاول الأميركي هندسته في مفاوضات فيينا، سريع العطب، كونه يعبر فوق جسور متحركة. الروسي هنا. والإسرائيلي، والخليجي، والعربي، والتركي، والغرب الأوروبي، ولهذه الدول مصالح لا تتطابق مواصفاتها مع المصالح الأميركيّة – الإيرانية.
يرحّب الروس بالإنفتاح الخليجي على سوريا، ويرحّبون أكثر بالجهود المبذولة لإحياء معادلة “س.س”، لكن نظرتهم تنطلق من السقف الدولي الى الإقليمي، قبل الوصول الى العربي ـ المحلي.
كان في لبنان، قبل أيام، دبلوماسي متمكّن، من أصول بريطانية، من مواليد ليفربول، يضطلع حاليّا بمهام السياسة الخارجيّة لدولة الفاتيكان. ماذا جاء يفعل المونسنيور بول ريتشارد غالاغر؟ هل جاء يستطلع، والفاتيكان لا تنقصه فاصلة من الكتاب اللبناني.. أم جاء لغرض آخر، وهو الذي تحدث عن “التغيير” بعد لقائه نظيره اللبناني؟ ثم ما هذه المفارقة، وقبل ان يغادر عائداً الى الفاتكان، يصدر بيان شديد الوضوح عن مجلس الأمن الدولي، خاص بلبنان، ويتضمن رزمة من “الإصلاحات”، أبرزها “مطالبة الأطراف اللبنانية بتنفيذ سياسة ملموسة للنأي بالنفس عن أي صراعات خارجيّة، كأولوية مهمة لما ورد في الإعلانات السابقة، ولاسيما إعلان بعبدا لعام 2012″؟!