شدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أنه “لا خيار للبنان سوى إتباع طريق الحوار البناء والاحترام المتبادل والتسامح الذي يمثل الانسجام ضمن الاختلاف”. ورأى أن “اللجوء إلى القيم الإنسانية، مثل تلك التي تمثلها الفرنكوفونية، وحده يمكن أن يجنبنا الغرق الأخلاقي والمعنوي”.
وكان رئيس الحكومة رعى احتفالا في اليوم العالمي للفرنكوفونية في السرايا اليوم، حضره وزير الاعلام زياد المكاري، ممثل وزير الثقافة رئيس اللجنة الوطنية للأونيسكو شوقي ساسين، رئيس لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية الفرنسية النائب سيمون ابي رميا، النائب ميشال موسى، ممثل منظمة الفرنكوفونية لمنطقة الشرق الاوسط ليفون اميرجانيان، سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، سفير تونس بوراي الامام، المستشار الاعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا وشخصيات.
والقى رئيس الحكومة في المناسبة كلمة قال فيها: “بالنسبة لنا نحن اللبنانيين، فإن الاحتفال بالفرنكوفونية يتجاوز انتماءنا إلى الفضاء اللغوي، لأنه كما قال الرئيس الاسبق سنغور: “الفرنكوفونية هي الثقافة. إنها طريقة في التفكير والتصرف. إنه استخدام اللغة الفرنسية كأداة للتعايش، بما يتجاوز لغاتنا الوطنية أو الإقليمية، لتعزيز تعاوننا الثقافي والتقني، على الرغم من اختلاف حضاراتنا. وهذه المثُل الإنسانية المتمثلة في المشاركة والتضامن والأخوة والإنصاف هي بالتحديد التي تميز مهد الناطقين بالفرنسية والتي نتماثل معها بفخر من دون إنكار أي شيء من هويتنا اللبنانية”.
وأضاف: “إن لبنان، كما قال ميشال شيحا، المتفرد بتعدديته، والذي هو عبارة عن فسيفساء من الأيديولوجيات السياسية والطوائف الدينية، ليس لديه خيار آخر سوى اتباع طريق الحوار البناء والاحترام المتبادل والتسامح الذي يمثل الانسجام ضمن الاختلاف. لقد وجهت هذه المبادئ دائما عملي السياسي وأنا أكثر تعلقا بها في هذه اللحظة من الأزمة المتعددة الأبعاد التي يجب أن نواجهها بالتآزر والتعاون والهدوء. ولسوء الحظ، بالإضافة إلى هذه الأزمة، ما زلنا ضحايا العدوان الإسرائيلي، الذي يواصل انتهاك القانون الدولي من خلال استهداف المدنيين والبنية التحتية، ويستمر في تنفيذ التدمير المتعمد للنظم البيئية الطبيعية والزراعية. وفي ظل الاضطرابات الناجمة عن زعزعة الاستقرار الإقليمي والعالمي، حيث أصبح السلام أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى، وحيث فشلت الإنسانية في مواجهة فلسطين، فإن اللجوء إلى القيم الإنسانية، مثل تلك التي تمثلها الفرنكوفونية، هو وحده الذي يمكن أن يجنبنا الغرق الأخلاقي والمعنوي”.
وقال: “أيها الأصدقاء الأعزاء، نحن اللبنانيين مصممون على العيش وعدم الاستسلام أبدا. أود أن أغتنم فرصة اجتماعنا لأوجه التحية إلى أول صحيفة لبنانية ناطقة بالفرنسية، “لوريان لو جور”، التي أطلقت احتفالاتها بالذكرى المئوية لتأسيسها في شباط. لقد دافعت هذه الصحيفة دائما، رغم الرياح والمد والجزر، عن لبنان الحر والتعددي والسيادي، ووقفت دائما مدافعا شرسا عن الحريات العامة وحرية الصحافة. ولعائلتها بأكملها، ولكل وسائل الإعلام الحرة والمسؤولة، تهاني الحارة”.
وختم ميقاتي: “أنهي كلامي بذكر بعض العبارات التي قالها أمين معلوف في كلمته في حفل قبوله عضوا في الأكاديمية الفرنسية، حيث حدثنا عن “أحلامه في الوئام والتقدم والتعايش”. ويتابع قائلا إن الأحلام “يساء استغلالها اليوم من خلال جدار الكراهية الذي يتصاعد هنا وهناك بين البلدان والمجموعات العرقية والطوائف الدينية”. ويقول إن طموحه هو هدم هذا الجدار. وأنا واثق من أننا جميعا المجتمعون هنا، نتشاطر هذه الأحلام. ومن المؤكد أننا بقناعاتنا وتصميمنا وعملنا سننجح في تحقيقها”.