/محمد حمية/
يعود الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين الى بيروت هذا الأسبوع حاملًا للحكومة اللبنانية الاجابات الإسرائيلية على استئناف التفاوض مع لبنان، بعد جولة مباحثات قام بها الدبلوماسي الأميركي مع العدو الإسرائيلي خلال الشهر الماضي، فيما يجري الهمس في الكواليس السياسية بمعلومات عن احتمال التوصل الى حلٍ وسطي لترسيم الحدود يحفظ حقوق لبنان من جهة والمساحة التي يطالب بها العدو الاسرائيلي من جهة ثانية أي حل وسطي بين الخطين 23 و29.
فهل يحمل المبعوث الأميركي الحل النهائي في جعبته وينهي الخلاف الحدودي؟ أم سيصطدم مجددًا بالتصلب والتعنت الاسرائيلي وتفتح أبواب الملف على كافة الاحتمالات، ومن ضمنها التصعيد العسكري على الحدود؟
لا شك أن المبعوث الاميركي، وانطلاقًا من الإنحياز الأميركي للمصلحة الاستراتيجية الاسرائيلية، سيحاول مجددًا الضغط على لبنان وتهديد بعض المسؤولين بالعقوبات للتنازل فيما خص الخط 29، واستغلال واقع الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية المتتالية، والانقسام السياسي، لذلك سيضع خط “هوف” سقفًا للتفاوض مع لبنان مقابل وضع لبنان الخط 29 سقفاً تفاوضياً ينطلق منه في أي حل وسطي.
على الرغم من أن الأميركي تمكن من تجميد استثمار لبنان لكامل ثروته النفطية والغازية حتى (البلوك 4) في البترون قبل حل النزاع الحدودي وفق الرؤية الإسرائيلية، لكنه فشل في فرض المقايضة بين إخراج لبنان من الحصار الاقتصادي المفروض عليه، وبين إنقاذه من أزماته المالية والاقتصادية بالتنازل عن حقه في البلوك رقم 9.
وقد يكون المسؤولون اللبنانيون في أجواء نية واشنطن عرض اقتراحات جدية وعملية لحل النزاع، فاستبق وصول هوكشتاين برسالة بعث بها إلى الأمم المتحدة ملوحًا عبرها باستحضار المرسوم رقم 6433 تاريخ 1 تشرين الاول 2011، الذي يثبت كامل حقوق لبنان، والبدء بالتفاوض من الخط 29 الذي رسمه الجيش اللبناني وتمسك به الوفد العسكري اللبناني المفاوض، والذي كان السبب بانسحاب الوفد المفاوض الإسرائيلي من جولة المفاوضات غير المباشرة الأخيرة في الناقورة. وتتضمن الرسالة تمسك لبنان بكامل حقوقه، في رفع أية مطالب لاحقة ومراجعة حدود منطقته الاقتصادية الخالصة، كما تنص المادة الثالثة من المرسوم رقم 6433، إذا فشلت المفاوضات غير المباشرة في تحقيق التسوية التفاوضية.
مصدر مطلع على الملف يشير لموقع “الجريدة” الى أن “الدولة اللبنانية تهدف في الرسالة التي أودعتها الأمم المتحدة، الى رفع السقف التفاوضي، وتحذير الوسيط الأميركي، ومن خلفه العدو الإسرائيلي، من مغبة المماطلة والتسويف في المفاوضات، بغية الابتزاز والضغط لإخضاع لبنان والتنازل للشروط والمطالب الإسرائيلية، لا سيما التراجع عن الخط 29 وأيضاً التنازل الى ما دون الخط 23 والموافقة على خط هوف المتمثل بالخط 21، أي التفاوض على تقاسم مساحة 860 كلم2، أو ما يسمى بحل “الاستثمار المشترك” للمساحة المتنازع عليها تتولاه شركة أميركية.
ويضيف المصدر أن الرسالة اللبنانية تخفي تهديدًا للعدو الإسرائيلي، بأن عرقلة المفاوضات، وقضم حقوق لبنان من خلال البدء بالتنقيب في حقل كاريش الواقع ضمن الخط 29 الذي قدّمه لبنان على طاولة المفاوضات، وفي المنطقة المتنازع عليها، وكذلك منع لبنان من استثمار حقوله النفطية والغازية في المنطقة المثبتة في الأمم المتحدة بأنها تابعة للمياه الإقليمية اللبنانية، والمستندة الى الخط 23، سيدفع لبنان تلقائيًا الى توقيع المرسوم رقم 6433 من رئيس الجمهورية، وبالتالي تثبيت الخط 29 كنقطة أساسية ونهائية للتفاوض لا يتم التراجع عنها، وإبلاغ الأمم المتحدة بذلك رسميًا.
وكشف المصدر أيضًا، أن الدولة اللبنانية ستبلغ الموقف اللبناني الرسمي للوسيط الأميركي بأن لبنان متمسك بالخط 29، لكنه مستعد للبحث والنقاش بحل تفاوضي وسطي يحفظ حقوق لبنان بين الخطين 23 و29.
ووفق المعلومات غير الرسمية، فإن الوسيط الأميركي تمكن من انتزاع موافقة الحكومة الاسرائيلية على الخط المتعرج وليس الأفقي، وبذك تحل عقدة الخلاف حول نقطة الترسيم، ما يمنح لبنان حقل استثمار حقل “قانا” و”اسرائيل” حق استثمار حقل “كاريش”. وتنقل أوساط مطلعة نية لدى واشنطن لتكثيف التفاوض للتوصل الى صيغة وسطية للحل، لتجنب تصعيد التوتر بين لبنان والعدو الاسرائيلي ما يمنح “حزب الله” شرعية ومشروعية لبنانية بالدفاع عن ثروة لبنان النفطية، في وقت يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خانقة.