عاد المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، في محاولة جديدة للتوصل إلى إطار ديبلوماسي يمنع التصعيد الكبير بين لبنان وكيان الاحتلال.
ولا يمكن فصل هذه العودة، وهي الثالثة له منذ عملية “طوفان الأقصى”، عن مفاوضات الهدنة في غزة، والتي تضغط الولايات المتحدة للتوصل إليها قبل بداية شهر رمضان، علماً أنها، في المضمون، لا تحمِل تغييراً جوهرياً عمّا حمله معه في المرة الماضية، منطلقاً من فكرة أن “بلاده تضغط لعقد الهدنة، وعليه يُمكن البدء منذ الآن بوضع مسوّدة اتفاق للحل جنوباً يُعلن عنه فور الإعلان عن هدنة في غزة”.
لكن، فُهِم ممّا بين السطور أن “هوكشتاين جاء لانتزاع ضمانات من لبنان يسوّقها لدى العدو الإسرائيلي”، وهو أمر “غير قابل للبحث” وفقَ ما قالت مصادر مطّلعة، اعتبرت أن “الأهم مما قاله في الكواليس هو البيان (المكتوب) الذي تلاه من عين التينة ويحمل تهديداً واضحاً”.
ورأت مصادر معنيّة بالملف أن “هوكشتاين، على المستوى الشخصي، يسعى جدياً لصياغة اتفاق يرعاه على غرار ما حصل في الترسيم البحري”، وأن جزءاً من زيارته يحمِل رسالة واضحة بأن “لا دور للآخرين في هذا الاتفاق، وتحديداً الفرنسيين”. وكررت المصادر أن هوكشتين لا يزال يعمل على ورقة تتضمن أفكاراً تشمل ترتيبات أمنية على جانبَي الحدود وفقاً لمندرجات القرار 1701، لجهة تأمين انتشار أوسع للجيش اللبناني في كل المنطقة الحدودية الى جانب القوات الدولية بعد تعزيز الجيش بمعدات وتجهيزات عسكرية جديدة، على أن يترافق ذلك مع اتفاق على إنهاء أي ظهور عسكري لحزب الله في المنطقة، مقابل انسحاب العدوّ من نقاط برية محل تنازع. وهو أرفق مقترحاته بأفكار تتعلق بتوفير برنامج دعم اقتصادي للمناطق الجنوبية، وتعهّدات بضمان استئناف الشركات العالمية التنقيب عن النفط والغاز.
وبحسب بعض من التقاهم الموفد الأميركي، فقد كان واضحاً أن الأخير لا يحمل جديداً من الجانب الإسرائيلي، وأنه تحدث عن سلبيات وإيجابيات تتجاذب المفاوضات حول الهدنة في غزة، وأن ما يسعى إليه في لبنان هو ألّا يحصل خلال فترة التجاذب هذه أيّ خطأ يقود الى حرب كبيرة. وقال: “نريد الوصول بأيّ ثمن الى آلية تمنع تدحرج الأمور على الجبهة اللبنانية إلى مواجهة كبيرة، لأنه في حال حصولها فإن أحداً لا يمكنه التحكم بمسار الحرب لاحقاً”.
وقال إن لديه “أفكاراً تتيح التوصل الى اتفاق أمني ينتج حالة من الاطمئنان على جانبَي الحدود، بما يرضي لبنان وإسرائيل معاً”. ونفت المصادر أن يكون قد ناقش الأمور الداخلية، ولا سيما الملف الرئاسي، مشيرين إلى أنه مازح البعض بسؤالهم عن موعد انتخاب الرئيس الجديد.
وتضاربت التفسيرات حول مقاصد هوكشتاين بما خصّ انفلات الأمور جنوباً. ورأى البعض أنه “حمل تهديداً ضمنياً للبنان حينَ قال إن الهدنة في غزة لا تعني بالضرورة هدنة في الجنوب، وأنه في حالة نشوب حرب عبر الحدود الجنوبية للبنان فإنها لن تكون قابلة للاحتواء”، بمعنى أن “الولايات المتحدة لن تكون قادرة على منعها”. لكنه لم يظهر هذا الموقف في اجتماعه مع نواب المعارضة أو مع النائب السابق وليد جنبلاط، وهو ما أثار امتعاض بعض من التقوه من المعارضين لحزب الله.