في سابقة من نوعها، أعلن العدو الإسرائيلي استعداده تقديم مساعدات للجيش اللبناني، في مبادرة رأى فيها محلل سياسي إسرائيلي، محاولة للوقيعة بين الجيش اللبناني وبين حزب الله.
وسبق لكيان الاحتلال، أن أعلن عن استعداده لتقديم مساعدات طبية وإنسانية لبيروت، لكن وزير الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس تحدث صراحة عن تقديم العون للجيش اللبناني.
ورأي المحلل الإسرائيلي يوني بن مناحيم أن الإعلان “هو محاولة لدق إسفين بين الجيش اللبناني وحزب الله”.
وقال بن مناحيم: “أثار الإعلان استغراب الكثيرين في إسرائيل، ليس فقط في المستوى الأمني وإنما أيضا في المستوى السياسي، وأضاف “الكثيرون لم يكونوا على علم مسبق بهذا التصريح”.
واستدرك بن مناحيم: “الحديث، عن محاولة دق إسفين بين الجيش اللبناني وحزب الله، هو محاولة ساذجة”.
وسبق لغانتس أن أعلن في 6 تموز 2021 عبر تغريدة في حسابه في تويتر، أن الاحتلال عرض من خلال قوات “اليونفيل” تقديم مساعدة إنسانية للبنان.
وفي حينه قال: “في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان، وبالنظر إلى محاولات حزب الله لتعميق الاستثمارات الإيرانية في البلاد فقد تواصلت مع اليونيفيل عبر مسؤولي الارتباط في جيش العدو الإسرائيلي وناقش اقتراح نقل مساعدات إنسانية إلى لبنان”.
وسبق ذلك في آب 2020، عرض كيان الاحتلال مساعدات طبية على لبنان في أعقاب الانفجار في مرفأ بيروت.
وفي حينه قال غانتس ووزير خارجية العدو آنذاك غابي اشكنازي في بيان مشترك: “توجهت “إسرائيل” إلى لبنان عبر قنوات دفاعية ودولية لعرض المساعدة الإنسانية الطبية على الحكومة اللبنانية”.
غير أن غانتس كان في إعلانه، الأربعاء الماضي (2 شباط الجاري)، عبر كلمة في المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أكثر دقة بأنه عرض تقديم المساعدة للجيش اللبناني لمواجهة حزب الله.
وأعاد غانتس، تقديم العرض باللغة العربية عبر تغريدة في تويتر، وقال فيها: “مواطنو لبنان ليسوا أعداءً لنا. لذلك اقترحتُ تقديم مساعداتنا للبنان، بما يشمل توجّهي الأخير لقائد قوّات الأمم المتّحدة”.
وأضاف: “نيّتنا هي دعم الجيش اللّبنانيّ الّذي يعاني من نقص في الإمكانات، بعد أن تركه في الفترة الأخيرة أكثر من 5000 جندي، أمام تعزيز قوّات حزب الله ودعمها على أيدي إيران”.
ولم يوضح غانتس، ماذا كان الرد اللبناني على عرضه هذا.
ولا توجد علاقات بين “إسرائيل” ولبنان، حيث تجري الاتصالات بين البلدين عبر طرف ثالث، سواء الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة الأميركية.
ويقول لبنان إنه على استعداد لتلقي المساعدة، من أي دولة، إلا “إسرائيل”.
ولكن فيما ترفض الأوساط السياسية اللبنانية أي علاقات مع كيان الاحتلال، فإن لجيش العدو الإسرائيلي تاريخا من التدخلات في الساحة اللبنانية.
ويقول مؤرخون إن العلاقة ما بين “إسرائيل” وحزب الكتائب اللبناني، تعود إلى سنوات الخمسينيات، وبرزت خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).
كما اجتاح العدو الإسرائيلي لبنان ووصل إلى العاصمة بيروت، عام 1982، وأشرف على تنفيذ المجزرة الشهيرة في مخيم صبرا وشاتيلا الفلسطيني.
واستمر الجيش إسرائيلي في احتلال منطقة جنوبي لبنان، وشكّلت ميليشيات محلية عُرفت باسم “جيش لبنان الجنوبي”، وكذلك باسم “جيش لحد” نسبة إلى زعيمها اللبناني أنطوان لحد، وانهارت عام 2000 عقب الانسحاب الإسرائيلي.
ويضيف بن مناحيم: “إن كان غانتس يقصد إنشاء جيش لحد جديد، في لبنان، فهذا غير ممكن”.
ولم يوضح غانتس، طبيعة المساعدات التي عرض تقديمها للجيش اللبناني.
إلا أن القناة الإسرائيلية “12” قالت، الخميس، إن الحديث هو عن “إمدادات غذاء ووقود وليس السلاح”.
وقالت: “تؤكد مصادر أمنية أن عروض المساعدة التي تم تقديمها مؤخرًا، تأتي في إطار محاولة تعزيز الجيش اللبناني بهدف دق إسفين بينه وبين حزب الله”.
وكشفت القناة أن لبنان “رفض قبول المساعدة”.
وفي حين أشارت القناة إلى أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت علم مسبقا بالعروض، فإنها لفتت إلى أن “سياسيين كبار قالوا إنهم فوجئوا بالإعلان”.
وقالت: “لساعات، حاول النظام السياسي فهم ما هو بالضبط اقتراح غانتس للجيش اللبناني، والمعروف باسم “المساعدة المستهدفة”، وبحسب مصادر سياسية، فإن “الهيئات التي تُدير العلاقات الخارجية “لإسرائيل” سمعت عنها لأول مرة بالإعلام”.
وأضافت ذات المصادر، للقناة الإسرائيلية: “إذا كان هناك مثل هذا الاقتراح الملموس، فهو ليس منسقا ومحيّرا نظرا للعلاقات بين الجيش اللبناني وحزب الله”.
وبدورها، فقد نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن مسؤولين سياسيين كبار، لم تسمهم، قولهم: “تصريحات غانتس حول مساعدة الجيش اللبناني، هلوسة”.
ونقلت عن المسؤولين قولهم: “الأمور التي قالها غانتس ليست أقل من هلوسة، لأنها تتعارض مع الخط الرسمي الذي تقوده إسرائيل في العالم”.
وأضافت: “حتى لو أردت تقوية الجيش اللبناني، فإنك بحديثك عن عرض المساعدة عليه تضعفه وتقدمه كعميل، وكجيش ضعيف يحتاج إلى مساعدة إسرائيلية”.
وتابعت: “ما فعله غانتس كان حالة من خيبة الأمل، ولم ينسَق مع المستوى السياسي”.
وغالبا ما تقول إسرائيل إن لبنان، كدولة وحكومة، سيتحمل مسؤولية الأعمال التي يقوم بها حزب الله.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي للصحيفة: “ليس لإسرائيل مصلحة في انهيار لبنان، وبالتأكيد لا مصلحة لها بانهيار الجيش اللبناني، ولكن لم يكن هناك الكثير من الحكمة في تصريحات غانتس”.
وفسر السفير الأميركي لدى إسرائيلي توماس نيدس، إعلان غانتس بأنه عرض بسيط للمساعدة في الأوقات الصعبة.
وقال في تغريدة على تويتر معلقا على إعلان غانتس: “الأمر بسيط، إن تقديم المساعدة في الأوقات الصعبة هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. أحيي وزير الدفاع غانتس على جهوده”.
وتتوسط الولايات المتحدة الأميركية بين إسرائيل ولبنان لترسيم الحدود المائية بين البلدين.
(الأناضول)