التافهون.. والطواغيت!

| رندلى جبور |

في هذا الزمن، أرواحٌ عارية من إنسانيتها، وعقولٌ عارية من حرية تفكيرها، وقلوبٌ عارية من حقيقة مشاعرها، وأجسادٌ عارية من كرامتها.

في هذا الزمن، يسير البعض عراةً من أنفسهم، ولا يخجلون من عريهم ذاك.

“ينتعلون” أفكار غيرهم، و”يرتدون” مشاعر مزيفة، ويتجمّلون بالحلي فيما تكسو البشاعة داخلهم.

في هذا الزمن، يعيش البعض على تجارة الأوهام، يبيعون كذباً ويستوردون زيفاً، ويظنون أنهم يمارسون فعل ذكاء ودهاء… وهو في الحقيقة غباء.

في هذا الزمن، ينخدع كثيرون بسهولة، ويُضَلَّلون بكلمة، ويقعون في أي فخ يُنصب لهم.

في هذا الزمن، يُضيّع كثيرون البوصلة، ويعبرون بخطى ثابتة الى ما يؤذيهم.

في هذا الزمن، يجهل كثيرون حتى مصلحتهم، ولا يحسبون حساباً لأي مصلحة عامة.

في هذا الزمن، يختار كثيرون موتهم، ظناً أنه الحياة، ويختارون دموعهم الكامنة خلف ابتسامة ملوثة، ويعبدون من يستعبدهم لا ذاك الذي يناضل نيابة عنهم من أجل حريتهم وكرامتهم وعزّتهم.

في هذا الزمن، يفضّل كثيرون الركون إلى “السطحي” بدلاً من “العمق”، وإلى العابر بدلاً من الثابت، وإلى ملء الفراغ بدلاً من الامتلاء بما يجعلهم أغنياء من الداخل وبالتالي مكتفين ومستغنين.

في هذا الزمن، يخشى كثيرون ممن يقول لهم ما يجب أن يسمعوا، ويفضّلون من يقول لهم ما يريدون أن يسمعوا.

هؤلاء هم العبيد الجدد الذين يعيدوننا إلى زمن ابن خلدون الذي قال: “لو خيّروني بين زوال الطغاة أو زوال العبيد، لاخترت بلا تردد زوال العبيد، لأن هؤلاء هم من يصنعون الطواغيت”… وهؤلاء بالذات، يصنعون اليوم الهامشيين المتسلّطين، والتافهين، ويولّونهم حتى على ذاتهم الفردية!