“اختفاء” حقائب “آيفون” و”بوتوكس”: التهريب شغّال في المطار ومدّعى عليهم يعملون بحريّة

جريدة الأخبار

|ندى أيوب| 

يواصل المراقب الجمركي خ. ط. عمله كالمعتاد في مطار بيروت، رغم ادعاء صادر بحقّه من النيابة العامة المالية قبل أيام في قضية تهرّب جمركي. إذ تدور شبهات حول تورطه وآخرين في تقاضي رشى مقابل تسهيل مرور حقائب قادمة من دبي تحتوي على أجهزة خلوية وحقن «بوتوكس»، من دون دفع ما يتوجّب من رسوم جمركية.وكانت مجموعة محامين قد تقدمت نهاية العام الماضي بإخبار إلى النيابة العامة المالية حول «12 ألف جهاز آيفون أُدخلت إلى لبنان في حقائب لمسافرين قادمين من دبي، لم تُدفع رسومها الجمركية». ووفق معلومات من داخل المطار، استند إليها المحامون، «يتولى ثلاثة عناصر من مصلحة الجمارك تسهيل مرور الأجهزة مقابل 100 دولار عن كل جهاز خلوي»، مع تأكيدات بأنّ معظم الطائرات القادمة من دبي تحتوي حمولتها على أجهزة خلوية مهرّبة، في الغالب من نوع «آيفون».

بناءً عليه، فتح النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم تحقيقاً في الملف، وطلب من مصلحة جمارك المطار تسليمه أشرطة فيديو عائدة لحقائب الوافدين أخيراً في طائرات قدمت من دبي، وهي أشرطة محفوظة على بطاقة الذاكرة (memory card) الخاصة بجهاز الـ«سكانر» الذي تستخدمه الجمارك. ونظراً إلى تقنية الملف، حوّل إبراهيم البيانات التي وصلته إلى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي لتحليلها.

مطلع الشهر الجاري، وقبل ظهور نتائج التحليل لإصدار قرارات الادعاء، وصل إلى مسؤولين في مصلحة الجمارك أنّ عملية تهريب جديدة ستحصل. وبالفعل، ضبطت الجمارك كمية كبيرة من أجهزة «آيفون» وحقن «بوتوكس» في خمس حقائب لقادمين من دبي. إلا أنّ وثائق، مصدرها شركة طيران الشرق الأوسط، تؤكد أنّ عدد الحقائب التي أدخلها المهرّبون بأسمائهم في مطار دبي كانت ثماني وليست خمساً. وفيما «توارى» المهرّبون عن الأنظار لحظة ضبط الحقائب (!)، تقدّم المحامون بإخبارٍ جديد إلى النيابة العامة المالية، مرفقٍ بأدلة تؤكّد اختفاء ثلاث حقائب تحتوي على بضائع مهرّبة.

وبنتيجة التحقيقات، أوقف إبراهيم المراقب الجمركي ب. ج. والحمالَين ع. س. وإ. ر.، بتهمة هدر المال العام والتهرب الجمركي والاختلاس. وادّعى على ثلاثة مهربين هم: م. ع. وح. م. دين وم. ر.، وعلى المراقب الجمركي خ. ط. الذي عاد ليمارس عمله في المطار وكأن شيئاً لم يكن.

في حالة طبيعية، لن يكون منطقياً أنّ يزاول المراقب المذكور مهامه، وسط شبهات باستغلال موقعه الوظيفي لتقاضي الرشوة وهدر المال العام. إلا أنّ قانون الموظفين يجيز ذلك. وتقتصر أحكامه على حسم نصف مخصّصات الموظف المدّعى عليه خلال فترة التحقيقات! وهذا ما يعدّ من ثغرات القانون المطروح تعديلها بموجب اقتراح قانون مقدّم في مجلس النواب، عَمل على إعداده المحامي علي عباس والنائب إبراهيم منيمنة، لتفادي عودة موظفي القطاع العام الذين وجّهت إليهم اتهامات بالتورط بقضايا فساد، كموظفي الدوائر العقارية ومصلحة «النافعة» إلى أعمالهم. ويقترح النّص المقدّم، وضع الموظف المدعى عليه بتصرّف رئيسه الإداري، حتى ختم التحقيقات في الملف، مع ضمان كامل حقوقه المالية في حال ثبوت براءته.

«العطب» القانوني ينسحب على قانون الجمارك نفسه. وفق عباس، وهو أحد المحامين الموقّعين على الإخبارات، إذ «يشجّع قانون الجمارك على التهريب، طالما أنّ العقوبة تقتصر على دفع غرامة مالية، هي عبارة عن نسبة معيّنة من قيمة البضاعة المهربة»، طارحاً تشديدها وجعلها تصل إلى السجن.