أشار خبراء عسكريون لصحيفة “البناء” إلى أن الضربات “الإسرائيلية” على الجنوب وإن كان مؤلمة وتصيب بعضها المدنيين، لكن الإسرائيلي يتحاشى قدر الإمكان استهداف المدنيين ولا يجرؤ على ارتكاب مجازر كالتي يقوم بها في غزة أو تلك التي شهدها الجنوب في عدوان تموز 2006، بل يقيس ضرباته بشكل لا يدفع “حزب الله” لردات فعل تجر إلى حرب واسعة مع لبنان، لذلك يحاول جيش الاحتلال الإيحاء من هذه الضربات أنه استعاد زمام المبادرة وأنه يتحكم بقواعد الاشتباك وأنه المبادر بالهجوم وأنه لا يزال يملك قدرة الردع لإرسال تطمينات وهمية وإعلامية لمستوطني الشمال المهجرين للعودة الى مستوطناتهم وأنه يسعى لتوفير الضمانات الأمنية لهم من خلال ردع حزب الله وإبعاده عن الحدود مسافة معينة من خلال تدمير المنازل في القرى الحدودية على مسافة 7 كلم».
لكن ذلك وفق الخبراء لا يحقق الأهداف “الإسرائيلية”، لأن منطقة تحرك “حزب الله” للقيام بعملياته العسكرية ليست من المنازل في القرى الحدودية ولا بالقرب منها، بل بمساحات مفتوحة وغير محدّدة، إذ يمكن للحزب إطلاق الصواريخ من مسافة قريبة أو متوسطة أو حتى بعيدة نسبياً وتصيب أهدافها بدقة، وبالتالي لا يمكن إبعاد “حزب الله” على الحدود، أي أن الحرب الجوية “الإسرائيلية” عاجزة عن ردع “حزب الله” ودفعه لوقف الجبهة، وبطبيعة الحال العملية البرية مستحيلة في ظل انشغال الجيش “الإسرائيلي” بحرب غزة، وإن حصلت العملية البرية فلن تغير في واقع المعادلات شيئاً ولن تحقق الأهداف بل ستلحق هزيمة جديدة وكبرى وحاسمة في “إسرائيل” ككيان وليس فقط كجيش.
لكن الخبراء يحذرون من حزام أمني يسعى جيش الإحتلال لفرضه على لبنان كأمر واقع، من خلال تدمير المنازل والبنية التحتية في القرى الحدودية.
ولفتت مصادر مطلعة على الوضع الميداني لصحيفة “لبناء”، إلى أن المقاومة تردّ على العدوان الإسرائيلي على المدنيين بنوعين من العمليات العسكرية: الأولى عمليات أمنيّة نوعيّة ومعقدة مثل استهداف مراكز عسكرية وأمنية إسرائيلية حساسة واستراتيجية على عمق عشرات الكيلومترات وبصواريخ دقيقة، والثاني استهداف مستوطنات “إسرائيلية” بعشرات الصواريخ من الكاتيوشا وتلحق خسائر بشرية ومادية فادحة بالمستوطنين، مشددة على أن المقاومة قادرة على حماية معادلة الردع على الحدود ولجم العدو وإلزامه التقيد بقواعد الاشتباك ولو أنه حاول خرقها وفرض قواعد ومعادلات جديدة. كاشفة بأن المقاومة لم تستخدم سوى نسبة ضئيلة من قدراتها العسكرية والبشرية والصاروخية والتكنولوجية.