نجح الرئيس التنفيذي السابق لشركة “نيسان” رجل الأعمال اللبناني كارلوس غصن، بتوجيه ضربة قوية لشركة “نيسان” باتهام مسؤولين فيها بسرقة بيانات ومستندات خاصة به من منزله في بيروت، وبذلك انتقل من موقع المتهَم إلى متهِم ومن الدفاع إلى الهجوم، بعد أن بدأ القضاء اللبناني ملاحقة مسؤولين كبار في الشركة بناء على الدعوى التي أقامها ضدهم، واتهمهم فيها بـ”سرقة بيانات ومستندات خاصة به وتلفيق أدلّة أدّت إلى توقيفه في اليابان وتشويه سمعته”.
وفي ما يبدو أن هذه الملاحقة قد تسفر عن مذكرات توقيف غيابية تصدر عن قاضي التحقيق في بيروت، قد تتحول إلى مذكرات توقيف دولية تعمم عبر الإنتربول، اعتبر الوكيل القانوني لشركة “نيسان” أن “هذه الإجراءات غير قانونية وستسقط بالشكل”، وأن “المواد المدعى بها ضعيفة ومر عليها الزمن”.
الدعوى التي أقامها غصن أمام النيابة العامة التمييزية، أخذت مسارها القانوني، إذ جرى استدعاء جميع المدعى عليهم الذين تبلّغوا رسمياً موعد الجلسة، إلّا أنهم امتنعوا عن المثول أمام القضاء اللبناني، لكنّ ذلك لم يوقف التحقيقات الأوليّة التي أجراها قسم المباحث الجنائيّة المركزيّة وبإشراف المحامي العام التمييزي القاضي صبّوح سليمان، حيث خضع موظفون في شركة “نيسان” وآخرون في شركة “فونيوس” التابعة للأولى للتحقيق، وأفاد مصدر قضائي بأن القضاء اتخذ الإجراء اللازم بشأنها. وأكد المصدر لـ”الشرق الأوسط”، أن النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر “ادعى على أربعة مسؤولين كبار في شركة نيسان هم: جيمي دوغلاس دواوسون (ياباني)، دانيال برنابا فرنانديز (إسباني)، فابيان فرنسوا ليكوست (فرنسي)، هيمان كومر ناداسابابثي (بريطاني)”. وقال المصدر إن الادعاء نسب إلى هؤلاء “ارتكاب جرائم عدّة أهمها اقتحام مكتب ومنزل المدّعي كارلوس غصن عنوة ومن دون إرادته وسرقة مستندات وملفات وأجهزة إلكترونية، والولوج إلى النظام المعلوماتي الخاص به والتلاعب بمحتواه ونسخ بيانات من داخله”، وأحال الملف على قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، طالباً إجراء التحقيقات اللازمة وإصدار مذكرات توقيف غيابية بحق المدعى عليهم المذكورين.
وبيّنت التحقيقات الأوليّة التي خضع لها أشخاص في لبنان، بينهم موظفون في “نيسان” و”فونيوس”، أنّ “مسؤولين في شركة نيسان، بينهم المدعى عليهم المذكورون، حضروا من اليابان إلى بيروت في عام 2018 وتوجّهوا إلى منزل كارلوس غصن برفقة موظفين من نيسان ـ فرع بيروت وناطور المنزل، وأمروا الأخير بفتح المنزل ولدى دخولهم توجّهوا إلى غرفٍ محدّدة وطلبوا من الموظّفين والناطور أن يبقوا في الصالون وعمدوا إلى الاستحصال على أجهزة وبيانات عائدة لكارلوس غصن، كما توجّهوا إلى مكتبه وأخذوا هاتفاً خليوياً وجهاز كومبيوتر محمول كان تسلّمهما غصن من شركة نيسان، كما عمدوا إلى تفتيش المكتب بدقّة”. ووفق الإفادات التي وردت في التحقيقات الأولية فإنه “تمّ تأسيس شركة ‘فونيوس’ خلال عام 2012، وكان الهدف منها شراء عقار قديم في منطقة الأشرفية في بيروت وترميمه بتمويل من شركة نيسان ليكون مقرّ إقامة لكارلوس غصن في بيروت، لكونه يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام في الشركة المذكورة”.
وذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” أن “تغيّب المدعى عليهم عن جلسة الاستجواب التي سيحددها قاضي التحقيق الأول سيتبعه إصدار مذكرات توقيف غيابية بحقهم”، وأن كارلوس غصن “سيستفيد من هذا الإجراء ويطلب تحويل المذكرات اللبنانية إلى مذكرات توقيف دولية تعمم عبر الإنتربول، ويكون بذلك المدعى عليهم في وضع قانوني حرج، كونهم مسؤولين في شركة ضخمة لها فروعها واستثماراتها في معظم دول العالم”.
في المقابل، قلّل المحامي صخر الهاشم، الوكيل القانوني لشركة “نيسان” والمدعى عليهم من أهمية هذه الإجراءات، ونقلت “الشرق الأوسط” عنه قوله إن “الادعاء الذي شمل الأشخاص الأربعة غير قانوني وسيسقط بالشكل”، لافتاً إلى أن “المواد الجرمية المدعى بها ضعيفة، إذ إنها عبارة عن جنحة بسيطة، وفي حال كانت صحيحة فقد سقطت بمرور الزمن”. وقال: “عندما يحدّد قاضي التحقيق موعداً للاستجواب، سنتقدّم بدفوع شكليّة نبيّن فيها أن الادعاء غير قانوني”. وعن أسباب امتناع المدعى عليهم عن المثول أمام المحامي العام التمييزي القاضي صبوح سليمان عندما استدعاهم الأخير وحدد جلسة لاستجوابهم، أوضح المحامي صخر الهاشم، أن “التبليغات التي أرسلتها النيابة العامة التمييزية غير قانونية، وهي لم تصححها وتعد إرسالها”. واعترف الهاشم بأن “حضور المدعى عليهم أمام المدعي العام (صبوح سليمان) يشكل خطراً عليهم، فهناك احتمال بأن يأمر بتوقيفهم ولو على سبيل الشبهة”، مشيراً إلى أن “إحالة القضية على قاضي التحقيق أفضل، هذا يمنحنا الوقت الكافي لممارسة حقّ الدفاع، وقد يحضر المدعى عليهم ويدلون بإفاداتهم بعد أن نستكمل كل الإجراءات اللازمة”.