| خلود شحادة |
للحظة، قد يتهيأ للناس أن موعد الانتخابات النيابية قد أتى.
رايات وأعلام وصور ويافطات تملأ الشوارع والأحياء، للرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري، في صيدا وطرابلس وبعض أحياء العاصمة بيروت.
عاد الحريري إلى بيروت، في ذكرى اغتيال والده، إلّا أن التعطش لدى جمهور “المستقبل” لعودة “القيادة”، دفعهم لرفع سقف ما هو “مأمول” من زيارته إلى لبنان.
منذ أيام قليلة، رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري يده مرحباً بالحريري، مما طرح سؤالاً ما إن كان بري يمتلك معطيات عن “تأشيرة العودة السياسية” للحريري إلى لبنان، أو أن ما قاله لا يتعدّى موقف بري القديم ـ الجديد الداعم للحريري والمرحّب به في كل الأوقات والظروف، خصوصاً بعد الحماسة التي أظهرها الشارع “الأزرق” لزيارة الحريري.
فسر البعض حالة الاستنفار التي أعلنها تيار “المستقبل” بأنها إشعار بعودة دائمة للحريري إلى الحياة السياسية، مما دفع البعض إلى تحليلات “عالية السقف”، ورفع الآمال، التي أحياناً تظهر أنها “غير منطقية” في ظل الأجواء السياسية المحلية والإقليمية.
في الواقع، لا توجد إشارات واضحة لاستئناف سعد الحريري عمله السياسي، لا محلياً ولا إقليمياً.
على الصعيد الإقليمي، فإن التسويات التي وضعت على النار، جعلت من الملف اللبناني في أسفل قائمة اهتمامات الدول “الفاعلة”، خصوصاً في ظل انشغال الولايات المتحدة الأميركية بملف الانتخابات الرئاسية، وتسوية ملف الحرب على غزة بدرجة أولى.
أما على الصعيد الداخلي، فإن عودة السعودية لدورها في الداخل اللبناني، وإمساكها، عوضاً عن قطر، بملفات لبنان العالقة، لم يوحِ بأي تغيير في سياساتها، وطريقة تعاطيها مع الملف اللبناني.
أيضاً، على صعيد العلاقة المباشرة بين السعودية والحريري، لم يرد أي خطاب، ولم يظهر أي تغيير يذكر يشير إلى إمكانية عودة المياه إلى مجاريها في العلاقة بينهما.
وبحسب معلومات خاصة لموقع “الجريدة”، فإن ملف عودة الحريري للحياة السياسية غير مطروح حتى الآن، وأنه إن كان هناك “أمل” بالعودة فهو “مؤجل” غير “معجل”.
استئناف الحريري للعمل السياسي لن يأتي بعد أن ينتقل الحريري بطائرته الخاصة من مطار أبو ظبي إلى مطار بيروت. في واقع الحال، فإن الحريري لن يعود للحياة السياسية إلّا إذا حطّت طائرته في مطار الرياض أولاً.
السيناريو المتوقع لضمان “العودة”، هو زيارة الحريري للسعودية، واستقباله بشكل رسمي، ليعلن من منبر الرياض رجوعه عن قرار “الاعتزال”.
وطالما أنه لا توجد مقدمات حتى الآن، فإن الأمر يبدو مستبعداً جداً، ويكاد يجعل منه مستحيلاً!
والسؤال المنطقي: ما هي مكتسبات الحريري إن عاد سياسياً من دون قرار السعودية؟
في قراءة للسيناريو المتوقع بشأن عودة الحريري، فإن الأمر سيسبقه سعي السعودية لترتيب “النظام اللبناني” من جديد، بإعادة إنتاج اتفاق الطائف بما يتناسب مع تغيرات المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن السعودية ستسعى إلى الاتفاق على اسم رئيس للجمهورية، وإذا ما تم الاتفاق على سليمان فرنجية، فإن ذلك قد يرفع من احتمال عودة الحريري لدعم فرنجية في ترشحه.
كل هذه الإحداثيات تؤدي إلى حقيقة واحدة، مفادها أن “زيارة” الحريري هذا العام لا تختلف عن “العودة” السابقة في التاريخ نفسه، وأن كل التوقعات عن عودته، تصب في إطار “الضغط الشعبي” لتأمين رافعة تشجّع على إصدار تأشيرة العودة السياسية للحريري بعد نحو سنتين على تعليق عمله السياسي في 24 كانون الثاني 2022.