انتصرت محكمة العدل الدولية للفلسطينيين في قطاع غزة ضد العدوان الصهيوني الذي يرتكب إبادة جماعية ضد البشر والحجر، وأكدت المحكمة أن الحكم الصادر عنها يفرض التزامات قانونية دولية على “إسرائيل”.. لكن المحكمة لم تطلب من كيان الاحتلال وقف إطلاق النار، وهي في ذلك سمحت للاحتلال بمواصلة حربه على قطاع غزة، وكأن ذلك جاء متوافقاً مع الموقف الأميركي الذي يرفض وقف إطلاق النار.
الحكم الذي جاء مبتوراً، يمكن اعتباره تاريخياً، وجاء بشبه إجماع من قضاة المحكمة، حيث شكّل إدانة ضمنية لكيان الاحتلال الصهيوني بارتكابه مجازر إبادة جماعية، وفضح أكاذيب العدو الصهيوني، وأحرج حلفاء “إسرائيل”، وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية، حيث باتت متهمة رسمياً، وأمام الرأي العام العالمي، بارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
وقد رفضت محكمة العدل الدولية طلب العدو الإسرائيلي بإلغاء الدعوي القضائية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي بشأن ارتكابه الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
وقالت القاضية جوان دونوغو، خلال جلسة المحكمة التي انعقدت الجمعة في لاهاي، إن المحكمة ترى أنها “لا تستطيع الاستجابة لطلب إسرائيل بحذف القضية من القائمة العامة”.. مضيفة “أنه من أجل الحصول على أي إجراءات مؤقتة، لا تحتاج جنوب إفريقيا إلى إثبات وقوع إبادة جماعية”.
وأوضحت أن الفلسطينيين كشعب “يستوفون المعايير اللازمة” التي يجب أخذها في الاعتبار بموجب المادة 2 من اتفاقية منع “الإبادة الجماعية”، مضيفة “لدينا صلاحية للحكم ضد إسرائيل بإجراءات طارئة في القضية (الإبادة الجماعية)، وعلى كافة الدول الأعضاء الالتزام بحكم المحكمة”.
وأعربت القاضية جوان دونوغو عن أسفها إزاء استمرار الخسائر في أرواح المدنيين في قطاع غزة.
وقالت إن محكمة العدل الدولية مختصة في النزاع بين جنوب أفريقيا و”إسرائيل”، بشأن ما إذا كانت تصرفات “إسرائيل” في غزة يمكن أن ترقى إلي مستوى الإبادة الجماعية.
وأضافت “من وجهة نظر المحكمة، يبدو أن بعض الأفعال والتقصيرات التي قالت جنوب أفريقيا إن إسرائيل ارتكبتها في غزة، يمكن أن تندرج ضمن أحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية”.
وأوضحت القاضية جون دونوغو إن المحكمة قررت أنه “يجب على إسرائيل اتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع جميع الأعمال التي تدخل في نطاق اتفاقية منع الإبادة الجماعية”.
وتابعت: “يوجد رابط بين الحقوق التي تطالب بها جنوب أفريقيا والتي وجدت المحكمة أنها معقولة، وعلى الأقل بعض التدابير المؤقتة المطلوبة”.
كما قالت القاضية إن “المحكمة تعترف بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، ويجب على إسرائيل أن تضمن، بأثر فوري، عدم قيام قواتها بارتكاب أي من الأفعال المنصوص عليها في اتفاقية منع الإبادة الجماعية”.
وتطرقت القاضية جوان دونوغو إلى الوضع الإنساني في غزة، قائلة إن “الوضع كارثي ومعرض لخطر كبير والمزيد من التدهور”، وأكدت أن “إلحاق الأذى المتعمد بالمدنيين قد ترقي إلى مستوي جريمة جنائية”.
وذكرت القاضية الأميركية، وهي واحدة ضمن 17 قاضياً وافق منهم 15 علي مجموعة تدابير يجب على “إسرائيل” الالتزام بها، أن المحكمة تشعر أنه من الضروري لها “الإشارة إلى تدابير معينة” من أجل حماية الحقوق التي تطالب بها جنوب أفريقيا، لافتة إلى أهمية وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وجميع الأنشطة التي تتسبب في القتل والدمار والتحريض وعرقلة المساعدات.
وأضافت “ترى المحكمة أنه فيما يتعلق بالوضع الحالي، يجب على إسرائيل، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في ما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، أن تتخذ جميع التدابير التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأعمال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من الاتفاقية”، وأنه “يتعين علي إسرائيل أيضاً أن تتخذ إجراءات لمنع فرض ظروف معيشية متعمدة بهدف التدمير المادي الكلي أو الجزئي” .
وشددت علي أن المحكمة ترى كذلك أنه “يجب على إسرائيل أن تضمن، على الفور، عدم قيام قواتها العسكرية بارتكاب أي من الأفعال المذكورة، كما ترى المحكمة أيضًا أنه يجب علي إسرائيل أن تتخذ الإجراءات التي في حدود سلطتها لمنع ومعاقبة التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
تابعت أن “المحكمة ترى كذلك أنه يجب على إسرائيل أن تتخذ تدابير فورية وفعالة، لتمكينها من توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية المعاكسة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة ..كما يجب على إسرائيل أيضًا أن تتخذ إجراءات فعالة لمنع التدمير وضمان الحفاظ علي الأدلة المتعلقة بمزاعم ارتكاب أفعال ضمن نطاق المادة الثانية”.