في أواخر شهر تشرين الثاني من العام الماضي، أي قبل نحو شهرين، وقع مستشار وزير الاقتصاد أمين سلام، فادي تميم، في “كمين” النائب السابق ألكسي ماطوسيان.. فدخل السجن، ويكاد يجرّ معه شقيق الوزير سلام، كريم سلام، بتهمة ابتزاز وفساد.
الرواية الكاملة، كانت بدأت مع تولي كريم سلام ملف شركات التأمين إلى جانب شقيقه بتكليف من الوزير سلام، وهو ملف “دسم” مالياً”، نظراً لما يحتويه من تجاوزات ترتكبها شركات التأمين بتغطية من نافذين في وزارة الاقتصاد، خصوصاً أن الدولة تفتح لهذه الشركات أبواب الاستفادة، بما أن معظم أصحاب هذه الشركات هم النواب أو الوزراء أو من الذين لديهم تأثير كبير في مؤسسات الدولة.
تشبه شركات التأمين في لبنان، المصارف، إلى حد بعيد. فهذه الشركات تتحايل على المضمونين لديها، والدولة تغطيها، وتؤمن لها مداخيل من المواطنين الذين تفرض عليهم “التأمين الإلزامي” الذي أصبح عبارة عن “خوّة” يدفعها اللبنانيون، بينما تتنصّل شركات التأمين من الالتزام بموجبات “التأمين الالزامي”، وبحماية الدولة!
اعتقد مستشار الوزير أنه قادر على “إدارة” قطاع التأمين بمشاركته في حصة من فسادها، لكن”أنياب” شركات التأمين، وتمرّسها في التحايل والتملّص، كانت أقوى من سلطة مستشار الوزير، والوزير نفسه، فوقع مستشار الوزير في كمينها، والأصفاد تهدّد شقيق الوزير نفسه.
وكان فادي تميم، الذي يملك شركة محاسبة، قد حاول ابتزاز إحدى شركات التأمين التي يملكها النائب السابق ألكسي ماطوسيان، عبر وعد بتسوية وضعها القانوني ومخالفاتها من خلال دراسة تجريها شركة المحاسبة التي يملكها فادي تميم، مقابل مبلغ 300 ألف دولار.
وبعد مفاوضات طويلة، وافق ماطوسيان على دفع المبلغ، على أن يدفع 100 ألف دولار كدفعة أولى، والمبلغ كاملاً بعد إنهاء الملف.
وعندما حضر تميم لتسلّم المبلغ من ماطوسيان، عمد الأخير إلى تصوير الواقعة بالكامل، وحملها إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أحال الملف إلى المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم الذي باشر تحقيقاته سريعاً، وأوقف تميم، ثم أوقف شقيق الوزير سلام، كريم سلام، على ذمة التحقيق، قبل أن يتدخّل الوزير أمين سلام مع المرجعيات، وخصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، مراراً وتكراراً، للإفراج عن شقيقه، من دون نتيجة. ولما أنهى القاضي إبراهيم التحقيق مع كريم سلام، أفرج عنه إنما قرر منعه من السفر وسحب منه جواز سفره، واستدعاه لاحقاً أكثر من مرة للتحقيق.