| نقولا ناصيف |
داخل “التيار الوطني الحر” مناقشات بين رأيين لا أجوبة نهائية للمتسائلين عنهما: هل من المصلحة الاستمرار خارج الحكم والسلطة على النحو الذي يتخذه الآن بمقاطعة وزرائه مجلس الوزراء، أم من الأفضل مجاراة الواقع القائم والانضمام الى مقتضيات اللعبة الحالية منذ شغور رئاسة الجمهورية؟ يُطرح الخياران في أكثر من مناسبة داخلية.
أخيراً بعد تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون، عُدّ رئيس التيار النائب جبران باسيل الخاسر الوحيد في ما وُصف بأنه تسوية تقاطع المتنافرين والاعداء. حُسِب ما حصل أيضاً على أنه ائتلاف كل المناوئين لباسيل في ظاهرة استثنائية. في الحصيلة هم خصومه كسبوا جولة بقاء قائد الجيش في منصبه.
المغزى الآخر، متجاوزاً هذه الواقعة، أن مديري الشغور قادرون على الاستمرار الى إشعار آخر في ملء الوقت الضائع الى أن يحين أوان انتخاب رئيس للجمهورية، بما يُشعر الداخل والخارج بأن النظام – وإن بالحد الادنى – في خير: البرلمان ينعقد. حكومة تصريف الأعمال كذلك.
التعيينات تُقَارَب بأمزجة. الاستقرار في مأمن دونما الذهاب الى حافة الهاوية في الجنوب. أما المهم الناقص، وهو انتخاب الرئيس، فيقترب تدريجاً من أن يمسي حديثاً ثانوياً غير مستعجل. ما يضيفه باسيل حيال ما يحصل أن “البعض يتعمّد تكريس هذا الواقع للقول إنه شغّال وفي الإمكان الاستمرار بلا رئيس للجمهورية أياً طال الوقت. الأخطر أنه يحظى بغطاء مسيحي من بكركي وأحزاب مسيحية لتثبيت الأمر المفروض وإدارة البلد بحكومة مستقيلة والتغافل عن انتخاب رئيس للجمهورية”.
يضيف: “ما يُراد أن يقال لي بالممارسة، وأنا وحدي أقرع جرس خطورة استمرار الشغور، أنّ في وسعنا أن نحكم بلا رئيس للجمهورية، فابقَ أنت وحدك خارجاً. لا حل لك إلا بانتخاب سليمان فرنجية كي تدخل الى الحكم. لا خيار ثالثاً. لن أبقى خارجاً ولن أبقى ساكتاً على ما يجري، ولن أقبل بفرنجية. عُرض عليّ عودة وزراء التيار وحلفائه الى جلسات مجلس الوزراء أو وزير الدفاع على الأقل فأحصل على تعيين قائد جديد للجيش، لكنني رفضت كي لا أنقض ما بني عليه موقف التيار منذ الشغور، وهو ان ليس لحكومة مستقيلة تولي صلاحيات رئيس الجمهورية، ولا ادخال أعراف غير مسبوقة على مجلس الوزراء خصوصاً في تواقيع المراسيم”.
يقارب باسيل مأزق الشغور على انه يدور من حول مشكلة واحدة هي انتخاب رئيس تيار “المردة” رئيساً للجمهورية. يوجّه بذلك إشارة مباشرة الى الثنائي الشيعي الذي يدعم ترشيح فرنجية دونما ان يغفل ان الفريق الآخر، معارض الثنائي وفرنجية معاً، لا يضيره الاستمهال كي “ينتظر اللحظة التي يعتقد ان تسوية ما ستأتي بفرنجية يقايض بها هؤلاء عندئذ”.
يقول بلا إفصاح: “يدعونني الى انتخاب فرنجية فأنال كل ما أريد. عرض عليّ الكثير. قيل لي مرة ان الرئاسة بعد ست سنوات تكون لي، وحصة كبيرة في الحكم مرة اخرى. لا يطلبون فرنجية مجاناً ولا معاقبة، بل بحسابات مدروسة. قيل إمشِ به تكن جلسة الانتخاب في اليوم التالي. هذا غير وارد عندي. إذا كان يحلو للبعض الظن ان انتظاره جوابي سيكون مفيداً فهو على خطأ. لا الآن ولا في ما بعد”.
التواصل مع “حزب الله” محدود. متقطع. يصفه باسيل بأنه “غير مقطوع، لكنه غير حام”. بعد التمديد لقائد الجيش لم يُمْسِ أكثر سوءاً من ذي قبل: “في الاصل كان يعرف موقفي. لم اطلب منه، ولم يعدني بما لم يفعله. لا زعل معه في مسألة جوزف عون. لكنه كذلك في خيار سليمان فرنجية. الحزب يعلم تماماً انني لن اصوّت له. عندما راهنوا في ما مضى على ان الفرنسيين والسعوديين موافقون على فرنجية وسيأتون بالآخرين، لم يتطلب الامر الاتصال بي. عندما فشل المسعى حكوا معي. بعد حرب غزة عادوا الى الكلام عن ان ما سيليها تسوية يأتي انتخاب فرنجية على رأسها. لذا يدعونني الى انتخابه. ذلك ما حصل في موضوع التمديد لقائد الجيش. كما التسوية بأطراف الخارج والداخل اتاحت ذلك، يتوقعون تكرارها بانتخاب فرنجية. من السذاجة الاعتقاد بأن التسوية الاقليمية من حول غزة وجوارها آتية قريباً، او آتية بالسهولة المتوقعة ان لم تأتِ اسوأ. وقد لا تأتي بما يراهنون عليه في رئاسة الجمهورية. وقد لا يكون الثنائي الشيعي جاهزاً للقبول بتسوية مكلفة عليهما، خصوصاً اذا كان الثمن المقابل لانتخاب سليمان فرنجية اغلى بكثير من سليمان فرنجية”.
يضيف: “كلاهما، سليمان فرنجية وجوزف عون، لن انتخبهما. كلٌ لأسباب مبدئية تجعلني اعرف سلفاً كيف يمكن ان يكون عليه عهد اي منهما. ارفضهما، لكن لديّ اسماء عدة لسواهما يمكن الاتفاق عليها. لا أرفض للرفض. عندي بدائل يمكن التحدث فيها. الرهان على انني سأغيّر رأيي في غير محله، وسينتظرون وقتاً طويلاً ما خلا حالاً واحدة هي اعطاؤنا اللامركزية الادارية والمالية الموسعة والصندوق الائتماني والاتفاق على برنامج الحكم في العهد الجديد. عندئذ أمشي بكليهما. البندان الأولان عندي أكثر أهمية، بما في ذلك من سليمان فرنجية وجوزف عون وأي سواهما. لا يعود مهماً انتخاب اي منهما او غيرهما ممن يمكن ان يكون أفضل أو أسوأ. عندما طلبت اللامركزية الادارية والمالية الموسعة والصندوق الائتماني، قيل لي انهم لا يمانعون. لكن دون تنفيذهما صعوبات”.