مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الأحد 7 كانون الثاني 2024
هجوم سيبرانيٌ غير مسبوق في المطار، وتصعيدٌ ميدانيٌ مضبوط في الجنوب. واذا كانت خلفياتُ الهجومِ السيبراني غير معروفة بعد، فإن أسباب التصعيد المضبوط جنوباً واضحة . صحيفة “يديعوت احرونوت” كشفت أن المسؤولين الإسرائيليّين أبلغوا آموس هوكستين أنَّ إسرائيل تريد إنهاءَ الوضعِ الحاليِّ على الحدود مع لبنان، وأنه في حال فشلِ المساعي السلميّة فإنَّ إسرائيل ستقوم بعمل عسكري للقضاء على حزب الله. ما ذكرته الصحيفةُ الإسرائيليّة يتوافق مع ما أعلنه رئيسُ الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اليوم من انه سيعيد كلَّ سكانِ شمالِ إسرائيل إلى منازلهم سواءَ بالطرق الديبلوماسيّةِ أو غيرِها، داعياً حزبَ الله إلى الإتعاظ ممّا جرى لحماس. تصريح نتانياهو واكبه إعلانُ إسرائيل أنها أطلقت أكبرَ منطادِ مراقبةٍ من نوعه في العالم، وذلك لرصد ما يُطلقُه حزبُ الله من صواريخَ ومسيّراتٍ من الجنوب. فمن يسبق يا ترى: طبولُ الحرب أم نتائجُ المفاوضات؟
وائل الدحدوح… ليس اسما كسائر الأسماء… لقد بات رمزا للصبر والصمود والمقاومة في وجه آلة الحرب الإسرائيلية الممعنة مجازر في قطاع غزة. قبل نحو شهرين فقد وائل… الصحافي الفلسطيني المقدام اثني عشر كوكبا من عائلته بينهم الإبن والإبنة والزوجة في اعتداء إسرائيلي لئيم واليوم انضم إليهم نجله الآخر (حمزة) ابن التسعة والعشرين عاما وهو كوالده صحافي. وائل الدحدوح.. هذه الصخرة… يسكنه الصبر.. ويستوطنه الحزن.. ويكاد يختصر بجرحه الحار كل جراح فلسطين… صلابته استحالت نموذجا أسطوريا للجسارة.. أليس كل ما في فلسطين أسطوريا؟!. وائل الدحدوح.. رغم الوجع النازف يعود لمتابعة رسالته… لكشف الحقيقة… لفضح كل ما في مخزون هذا العدو من إجرام.
وفي اليوم الثالث والتسعين للعدوان ارتكب جيش الاحتلال المزيد من المجازر حاصدا عشرات الشهداء والجرحى في قطاع غزة جنوبا ووسطا. لكن المقاومة تسطر يوميا أجمل الملاحم وتفتك بجنوده وآخرهم ضابط كبير قتل في شمال القطاع. واربتاطا بما يجري في غزة كثفت قوات الاحتلال عمليات الاقتحام في الضفة الغربية حيث سقط اليوم ثمانية شهداء فلسطينيين في جنين. لكن هذه المدينة – الأيقونة مع مخيمها وجهت ضربة للعدو الذي قتلت له مجندة وأصيب أربعة جنود برصاص وعبوات المقاومين.
على الجبهة اللبنانية لم يتبدل مشهد القصف اليومي الذي يقوم به العدو للبلدات الجنوبية. لكن البارز اليوم هو تحليق الطيران الحربي على علو مرتفع فوق جميع المناطق اللبنانية بما فيها بيروت وتحليقه على علو منخفض في أجواء مناطق جنوبية وتنفيذه غارات وهمية ما تسبب بتحطم زجاج بعض المنازل. في غضون ذلك لم تتوقف أصداء الهجوم الصاروخي العنيف الذي شنته المقاومة امس على قاعدة ميرون في الجليل المحتل. لكن ما لفت الانتباه هو تكتم جيش الاحتلال ووسائل الاعلام العبرية على نتائج وتفاصيل ما حصل في أكبر قاعدة للمراقبة الجوية في شمال فلسطين المحتلة. وذكرت وسائل الاعلام هذه ان الجيش الاسرائيلي لا يتطرق إلى الضرر في منظومة قاعدة ميرون الاستخبارية لأنه لا يريد تزويد المقاومة بنتائج الهجوم. وقالت ان المقاومة سعت منذ بداية الحرب إلى إعماء المنظومات في المنطقة الشمالية مضيفة: قدراتها يجب ان تقلقنا كثيرا.
وفي موازاة إستمرار تهديدات بعض المسؤولين الإسرائيليين بتوسيع الحرب على لبنان نقلت صحيفة واشنطن بوست عن تقييم استخباري أميركي ان هذا الأمر يثير قلق الولايات المتحدة. أما الموقف الأوروبي في هذا الشأن فعكسه جوزيب بوريل خلال الاجتماعات التي عقدها مع المسؤولين اللبنانيين. وقالت مصادر مطلعة لل NBN إنه كان متفهما للموقف اللبناني ولفت انتباه مضيفيه إلى انه لم يأت إلى بيروت ليطلب عدم التصعيد على الحدود الجنوبية ملمحا إلى أن إسرائيل هي التي تصعد الوضع. وبحسب المصادر نفسها فإن بوريل يكاد يكون أكثر المسؤولين الأوروبيين تفهما من خلال تأكيده وجوب إنتهاء حرب غزة عبر وقف لإطلاق النار وإعتباره حل الدولتين أمرا أساسيا إذ لا حل من دون إقامة دولة فلسطينية.
إنها الحرب وهي بين بلدين: لبنان واسرائيل. وحتى لو اراد البعض حصرها بمواجهات استنزاف بين حزب الله والعدو وربطها بالجنوب فحسب، فإن الامر اصبح اخطر من ذلك بكثير. هذه الحرب تخاض بين قوتين غير متكافئتين: فاسرائيل عدو قاتل وقادر، ولبنان دولة غير قادرة وغير مستعدة للحرب حتى ولو كانت المقاومة في هذه الدولة قادرة وتضرب اسرائيل في نقاط موجعة.
ما حصل من قرصنة في مطار رفيق الحريري الدولي لا يمكن بالمبدأ فصله عن هذه الحرب. فما هي الرسالة اذا مما حصل؟
اولا: على الارجح ان القرصنة ليست محلية.
ثانيا: من نجح بهكذا خرق قادرعلى ايقاف عمل المطار واكثرية المرافق العامة من دون تدخل عسكري مباشر.
ثالثا: لبنان الدولة غير مستعد لاي نوع من الاعتداءات سواء اكانت تقنية ام غير تقنية.
اما الرسالة الرابعة وربما الاهم ان تعطيل المطار من دون ضربه جاء في وقت تحاول الولايات المتحدة منع توسع الاشتباكات على الحدود اللبنانية الاسرائيلية، لتصبح شاملة على مستوى المنطقة، وتخوض معركة ديبلوماسية صعبة بين اسرائيل، التي تهدد بالحرب على لبنان اذا لم يؤمن شمالها، وبين حزب الله الذي استمع لعروض غير رسمية من اكثر من موفد دولي حول تطبيق القرار 1701، ورفض البحث فيها الا بعد وقف الحرب على قطاع غزة.
تحول مطار رفيق الحريري الدولي في ساعات الى لغة الاشارة وخرجت مواعيده عن الضبط الالكتروني. قراصنة مجهولون احكموا السيطرة على نظام الشاشات وغيروا مسار الرحلات وبثوا على لوحاتها الاعلانية رسائل موجهة الى حزب الله بتوقيع استخدم شعار ” جنود الرب “. وعلى قاعات الوصول والمغادرة معا تمكن القراصنة من التحكم بتقنية البث وتوجيه التحذيرات من خطر اقحام لبنان في الحرب مع اسرائيل وتسجيل مواقف تؤكد ان مطار بيروت ليس ملكا لحزب الله وايران. وحتى اللحظة لم يتم اكتشاف مجموعة القراصنة هذه وما اذا كانت من قلب المطار او عاملة على نظام تشغيل خارجي لكن العدوان الالكتروني طاول انظمة الحقائب المعروف ب ” بي اتش اس ” ما استدعى الاستعانة بالكلاب البوليسية للتفنيش وتؤشر الدلائل الاولية الى اختراق من الداخل فيما لم تتبن مجموعة جنود الرب البيان الموقع باسمها. ويعمل حاليا على تفكيك هذه الشيفرة الخفية في اجتماع ضم وزير الاشغال العامة علي حمية ورئيس المطار فادي الحسن فيما بدأت فرق من شعبة المعلومات ومخابرات الجيش تحقيقات تقنية لتلمس أولى خيوط الخرق. وسواء كان الخرق داخليا ام عبر تقنيات خارجية مرتبطة بالحرب مع اسرائيل فإن حركة الملاحة الجوية لم تتأثر لكن المطار الذي كان غريقا قبل اسابيع قليلة مؤهل لان يصبح مسروقا في كل لحظة ومفتوحا على كل احتمال في الاقلاع والهبوط. فاهلا بكم على متن رحلة القراصنة هذه المرة ..والى ان ” نقبض ” على الحقيقة تكون مجموعة الهاكرز قد اقلعت مع اولى الرحلات.
وفي الرحلات الدامية التي قرصنت الارواح , تجسدت كل فلسطين اليوم في قلب رجل واحد اسمه وائل الدحدوح, ذلك الهرم الذي يدفن اسرته الروح تلو الروح ثم يقبض على دمعته المتحجرة ويرمي بثقلها على قلوب المشاهدين عبر العالم. خسر وائل حمزته اليوم , الصحافي الميداني الذي استهدفته اسرائيل مع زميله مصطفى ثريا وقد اتخذت الجزيرة صفة الادعاء فيما اتخذ وائل الدحدود كل الصفات من اول الصبر الى اخره وتربع على بطولة الحزن لتختصر حكايته كل وجع غزة. ولم يشعر العدو من جانبة باي حرج لا بل اعلن رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو استمرار الحرب في القطاع على الرغم من تشظي حكومته وانقلاب الامن على قراراته . وغدا يصل وزير خارجية اميركا انطوني بلينكن للمرة الخامسة الى تل ابيب وبحسب القناة 12 الاسرائيلية فانه سيطلب من نتنياهو بيانا حول الانتقال الى اليوم التالي من اجل الاطمئنان تجاه جبهة الشمال وهي جبهة لبنان التي تقلق اميركا وتتحرك لها فرنسا اما حزب الله فقد رفض منح التطمنيات وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إننا لسنا بصدد أن نقدم جوائز لأحد، عبر بحث اي من الطرحات المستقبلية قبل وقف العدوان على غزة ولبنان ووسط صمت عربي واتجاه دولي لتحريك اول دعوى ضد اسرائيل امام محكمة العدل الدولية والمقدمة من جنوب افريقيا يتقدم طرح جريء قدمه نائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان عبر تبني حل العودتين بدل حل الدولتين ويتمثل هذا الحل بعودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم وفق قرارات الأمم المتحدة، وعودة اليهود إلى بلدانهم الأصلية التي جاءوا غزاة لفلسطين منها، وما زالوا يحتفظون بجنسياتها، حيث الأمان والرفاهية ورغد العيش”. ويعكس هذا الطرح مشاعر شعوب عربية وجدت نفسها وقد تقدم الغرب عليها في التظاهرات وتسجيل مواقف الاحتجاج على اسوأ ابادة انسانية في هذا العصر . فتجميع اليهود في فلسطين كما يرى خلفان كان خطأ فادحا قادهم الى الدمار، وخديعة كبرى حرمتهم من الأمان الذي وعدوا به ..و كانوا ينعمون به في بلدانهم الأصلية.
7 تشرين الاول 2023- 7 كانون الثاني 2024.
ثلاثة اشهر بالتمام والكمال على عملية طوفان الاقصى، التي استجرت طوفانا من الاجرام الاسرائيلي المتجدد على الشعب الفلسطيني، واحتلالا جديدا لقطاع غزة، ليتجاوز عدد الشهداء وفق ارقام وزارة الصحة الفلسطينية 23 الفا حتى اليوم، نسبتهم الاكبر من الاطفال والنساء والشيوخ.
وبعد تسعين يوما على العدوان، تبدو الصورة السياسية والميدانية على الشكل الآتي:
اولا، ضوء اخضر اميركي مستدام لاستمرار العملية في غزة، مع بذل الجهود لابقائها محصورة في القطاع، ومنع تمددها بشكل اوسع الى جبهات اخرى، حرصا على مصلحة اسرائيل.
ثانيا، موقف عربي معروف، لم ينجح حتى الآن في ترجمة التضامن المعنوي مع الشعب الفلسطيني الى تحرك ملموس يفرض وقفا لاطلاق النار، واطلاقا لمسار الحل.
ثالثا، نجاح كبير لحزب الله في المواءمة بين الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني من خلال اشغال الجيش الاسرائيلي بالجبهة الحدودية مع لبنان من جهة، في موازاة الحرص على حماية لبنان وشعبه من حرب شاملة من جهة اخرى، مقدما في سبيل ذلك، وبشكل يومي، الشهيد تلو الشهيد، عدا الدمار الكبير في بلدات وقرى الجنوب.
وبين التحرك الاميركي في المنطقة والحركة الاوروبية في لبنان والتصعيد المتصاعد في غزة والجنوب، لا تبدو التسوية قريبة، ولو ان مشاورات الكواليس حافلة بالمقترحات التي لم يسلك اي منها حتى الآن طريقه نحو الاقرار.
اما في العناوين المحلية، فالمراوحة هي العنوان، ذلك ان المعالجات الترقيعية هي السبيل الوحيد في انتظار الحل الكبير، علما ان الانظار السياسية ستتجه هذا الاسبوع الى المقابلة التي يجريها مع الOTV الثامنة والنصف من مساء الاربعاء المقبل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والتي يحدد فيها الموقف من التطورات الراهنة، ومن بينها، الملف الرئاسي.
لم يكن استهداف قاعدة ميرون في شمال فلسطين المحتلة حدثا بمواصفاته العسكرية والامنية فقط ، بل هو تحذير رفيع ، ورسالة قوة وجهوزية واستعداد ، على العدو التعامل معها بكامل ابعادها…
هذه العملية التي لا يزال الاحتلال يبحث عن كيفية اخراج تداعياتها الى جمهوره المتخبط في الشمال وفي غزة ، جعلها حزب الله بخبرته العسكرية وحكمته السياسية مقدمة للرسائل التي وردت اليوم على لسان مسؤوليه:
اولا : المقاومة جاهزة للرد بحرب شاملة باقصى ما تملك وتستطيع اذا اراد العدو حربا شاملة…
ثانيا : لا مواقع محيدة في كيان الاحتلال، ولا مواقع مخفية عن صواريخ المقاومة اذا قرر العدو توسعة الجبهة..
وثالثا : المقاومة ليست بصدد تقديم جوائز ترضية، ولا البحث في اي امر من الامور التي تطرحها الوفود السياسية والدبلوماسية الا بعد وقف العدوان على غزة.
وعليه، هكذا ستكون معالم المواجهة حين يحاول العدو كسر مزيد من القواعد، والذهاب باعتداءاته الى ما يوجب الرد الحتمي بما يتطلبه الردع وحماية السيادة.. وترجمة لهذا الامر كانت اليوم صواريخ المقاومة تحصد دبابة ميركافا بمن فيها في موقع رويسة العاصي، وايقاع تجمعات العدو بين قتيل وجريح في المالكية وثكنتي زرعيت وشوميرا.
كل هذا الزخم وفاء لصمود الجنوبيين وحماية لكل اللبنانيين ، واستمرارا بدعم ومساندة غزة التي قدمت الصحافة فيها مزيدا من الشهداء على مذبح كشف حقيقة العدوان ووحشيته الى جانب اثنين وعشرين الفا وثمانمئة شهيد قضوا منذ بداية المجزرة الصهيونية.
ولان العدو تاريخيا لا يفهم الا لغة المقاومة، ولان المقاومة في غزة اثبتت جدارة الصمود والانتصار ، تبقى لغتها في الميدان متفوقة لتكون النتيجة اعلان العدو مقتل مزيد من الضباط والجنود والذهاب عميقا في مرحلة التخبط الميداني والاخفاق السياسي.