هل تستطيع “حماس” منع ترحيل الغزاويين؟

| مرسال الترس |

بعد ثلاثة أشهر ونيّف على عملية “طوفان الأقصى” التي أنتجت حرباً بلا هوادة على قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، يتبيّن بوضوح أن العدو الاسرائيلي لم يسجل الانتصار الذي كان يحلم به، أو الذي تعوّد عليه في حروبه السابقة مع جيوش الدول العربية المحيطة بكيانه، أو المساندة، حيث كان يقطف الانتصار الذي يريده خلال أسابيع، وأحياناً خلال أيام. ما يؤكد صوابية أن العمل عن طريق المقاومة، وتحديداً من الداخل، سيفضي حتماً إلى ما تتطلّع إليه الشعوب المنكوبة بالاحتلالات من سيادة ناجزة على أراضيها.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل ستستطيع حركة “حماس”، والمنظمات المقاومة الرديفة لها، أن تحقق ما ترنو إليه، في ظل دول كبرى تساند بكل ما أوتيت من جبروت، ورأي عام عالمي يتفرج، وعالم عربي أشبه ما يكون في وضعية إدارة الظهر، ومقاومات “مساندة” من هذا البلد أو ذاك، وبينها لبنان؟

المعطيات الميدانية تشير الى أن جيش العدو، الذي دفع الأثمان الباهظة حتى الآن، قد بدأ بتعديل تكتيكاته الهجومية بغية تحقيق أهدافه، عبر إجبار أهالي القطاع على النزوح، إما باتجاه سيناء القريبة أو الى ديار الله الواسعة، مراهناً أن “حماس ورفاقها” لن يستطيعوا الاستمرار في المواجهة إلاّ إلى أفق معين، فيما القوى الدولية التي تساند الكيان الصهيوني “على العمياني” تجهد في اتجاهين:

إما تعطيل دور مجلس الأمن الدولي عبر “الفيتو” الذي تأخذه على عاتقها الولايات المتحدة الأميركية.

أو عبر الدول الأخرى التي تشجع هذا الكيان على الاستمرار في ضغطه على غزة لحين إنجاز المهمة المتمثلة بـتحقيق “قناة بن غوريون”، ومن هذه الدول بريطانيا التي كانت عظمى، والتي نكبت فلسطين بـ “وعد بلفور” قبل مئة عام ونيّف، وهو المسمار الأبرز في نعش تحويل الأرض الفلسطينية إلى سليبة!

من المنطقي، ربما، أن يظهر وزير “التراث الإسرائيلي” عميحاي إلياهو ليدعو إلى قصف غزة بقنبلة نووية، وليظهر زميل له مطلقاً تمنياته أن يرى المستوطنين على شاطئ القطاع!

ولكن ما هو خارج عن المألوف هو أن يدّعي المتحدث باسم الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ، أن أميركا لا تستطيع وضع “زمن محدد” لنهاية الحرب في غزة. وأن يتنطّح رئيس الحكومة السابق في بريطانيا توني بلير بأن يسعى جاهداً لتقديم الأفكار الناجعة بتهجير أهالي غزة. في حين اختار وزير الخارجية الحالي ديفيد كاميرون سهاماً مسمومة للتعبير عن موقف الدولة الاستعمارية السابقة فيقول لصحيفة إيطالية إنه “لا يمكن أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار وإحلال حلّ الدولتين، فهما غير متوافقين بشكل متبادل”. وشارك في كتابة مقال مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، في صحيفة “صنداي تايمز”، وأصرّا على رفض وقف إطلاق النار الفوري!

الأخطر في هذه المعمعة أن “حماس”، ورفاقها، يراهنون على الصمود، فيما الكيان الاسرائيلي يخطط للعشرات المقبلة من السنين لتنفيذ مخططاته، وقد يغتال “الكبار” لتسهيل المخطط إذا تراجعوا عن القيام بأدوارهم، كما كان مصير رئيس الحكومة السابق اسحاق رابين. ولكن اللافت ان الرأي العام “الإسرائيلي” بدأ يضج بالتناقضات، حيث كشفت وسائل إعلام العدو أن اجتماعا لكبار وزراء الحكومة لمناقشة خطط إدارة قطاع غزة بعد الحرب، انتهى إلى شجار حاد وغاضب بين الوزراء وضباط الجيش. فهل يمكن المراهنة على سقوط هذا المجتمع من الداخل بدل إيجاد طريقة أكثر إيلاماً من الموت للانتقام من الفلسطينيين كما يتمنى المتدينون في الكيان؟