/ خلود شحادة /
مع اقتراب المعركة الانتخابية، حمل كل فريق سيف خطابات شد العصب وترس الحملات الاعلانية.
خلط أوراق التحالفات بدأ، هناك من خطا نحو الاعتكاف، ومنهم من يستجمع قوته لخوض المعركة بهمة عالية.
وبين هذا وذاك، هناك من يحاول دخول المعترك من ثقوب “النقمة” على الأحزاب التقليدية، مستعيناً بالوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه اللبنانيون، في حملاته الانتخابية.
في جولة على لبنان من شماله الى جنوبه وداخله، تنتشر لوحات اعلانية تحمل شعار “سوا للبنان”.
هذه الحملة التي بات معروفاً أن ممولها هو بهاء الحريري، ابن الشهيد رفيق الحريري وشقيق الرئيس سعد الحريري. هو الذي يملك أيضاً موقع “صوت بيروت انترناشونال” الالكتروني.
في قراءة لهذه الحملة، تحمل الشعارات المستخدمة وجهين: الأول، هو الحقوق التي يفتقدها اللبنانيون بفعل الأزمة الاقتصادية الأصعب. والثاني، هو الشعارات التي حملها بعض “ثوار” 17 تشرين الأول من العام 2019.
منذ حوالي العام تقريباً، دخل لبنان في أزمة حادة، وهي أزمة الدواء، والتي كانت أسبابها عديدة، تبدأ بتقلبات سعر الصرف، وصعوبة الحصول على “الفريش دولار” لاستيراد الدواء، ولا تنتهي بالاحتكار الذي مارسه التجار لجني الأرباح على حساب صحة الناس وحياتهم.
استغلت حملة “سوا للبنان” هذه الأزمة، فاعتمدت في اعلاناتها على شعار “الدواء علاج مش اذلال”، للاضاءة على أن الدولة تدفع المواطن للذل من أجل الحصول على علبة الدواء.
“الشعب قرر.. التغيير بلش”. ليست غريبة عن أسماعنا. هي عبارة ترددت بصيغ مختلفة ابّان تحركات 17 تشرين الأول. استعان بها “بهاء” للدلالة على تبّنيه لهذا “التغيير” في الحكم، وعلى أن “الانتخابات النيابية” هي بوابة هذا التغيير.
“ازدهار البلد.. مش هيمنة الفساد”. شعار، استخدم في أوج الحديث عن الفساد المستشري في المؤسسات العامة والمرافق الحكومية، لوضع الاصبع على جرح المواطن، والتأثير على قراره الانتخابي بأن يختار “لبنان الذي يحب” على لبنان “الذي يملك”.
ومن الرسائل “المعيشية” الى الرسائل السياسية: “دولة قوية مش ميليشيا مستقوية”، و”سويسرا الشرق مش معزول عن العالم”.
بالاضافة الى ربط كل هذه الشعارات بشعار “سوا لسيادة لبنان”.
وفي تعريف كلمة ميليشيا، “هي المجموعة التي تحمل سلاحاً بغير وجه قانوني (أي ليست تابعة للدولة)”.
المقصود بـ “الميليشيا”، هي المقاومة. والمقصود بأن لبنان ليس معزولاً، هو الموقف “الخليجي” والأميركي من لبنان بفعل قراراته المناهضة للتطبيع مع العدو الاسرائيلي، وموقفه من القضية الفلسطينية. اضافة الى دور حزب الله في سوريا واليمن وعلاقته الوطيدة بايران، التي يعتبر “الفريق المقابل له” أنها أحد أهم أسباب انعزال لبنان عن العالم.
تربط الأوساط السياسية، بين اعتكاف سعد الحريري، وخوض بهاء المعترك الانتخابي، وتلفت الى أن ضعف التمويل للأول مع زخمه لدى الثاني أثّرا بشكل كبير على امكانية تفعيل الحملة الانتخابية.
ولا تقف الأوساط هنا، بل تشير الى أن بهاء “مدعوم” خليجياً، إلا أنها تعتبر أن هذا الدعم يشبه “سياسة الدعم” التي اعتمدتها الدولة اللبنانية، أي أنها تستخدم في المكان الخطأ، وبالتالي هي غير مجدية وتستنزف الثروات لا أكثر.
ترجع الأوساط رأيها هذا، الى المزاج الشعبي العام من “الحريرية السياسية”.
السؤال الذي يطرح نفسه، الى من يتوجه بهاء الحريري؟
اذا كان متوجهاً للشعب “الناقم” على السلطة، فإنّ الحريرية السياسية هي أحد أهم عوامل الانهيار الحاصل، وتنال القسم الأكبر من النقمة الشعبية. وهذا يعني أن الورقة خاسرة في هذا المحور.
وأما إذا كان يتوجّه لـ”المستقبليين”، فارتدادات الشارع السني عقب عزوف الحريري، تشي بنقمة سنية على القوات وبهاء الحريري، وغضب تحت الرماد تجاه السعودية. وبالتالي، الورقة غير مربحة هنا، وتتحوّل تلك الحملة إلى “كليشيهات” انتخابية غير مؤثرة، وتبقى حظوظ سعد الحريري أكبر بكثير.
وتشهد على تلك المواقف، ما سرّب من أخبار عن دائرة بيروت الثانية، وهو أنّ عدة شخصيّات بيروتيّة ترفض الإنضمام إلى لائحة “سوا لبيروت” المدعومة من بهاء الحريري، وذلك بسبب غضب مُناصري “تيار المستقبل” من سلوك بهاء تجاه أخيه الرئيس سعد الحريري، الذي اعتكف عن الساحة السياسية قبل أيام قليلة.
وتجدر الاشارة الى أن لا شيء محسوماً بعد بخصوص ان كان بهاء الحريري سيدعم فقط “لائحة سوا للبنان”، أم أنه سيرأسها كمرشح أيضاً في دائرة بيروت الثانية.


















