“انضباط” خليجي في لبنان.. والهدف حوار “حزب الله”!

/ محمد حمية /

ينهّمِك أركان الدولة ووزارة الخارجية اللبنانية، بإعداد الرد على المبادرة الخليجية، التي حملها وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، الى الحكومة اللبنانية، خلال زيارته الأخيرة الى بيروت.

وتفيد المعلومات بأن وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، عمل على صياغة الرد، بالتشاور مع رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي، حيث تم الاتفاق على صيغة موحدة، ونقلها بو حبيب الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أجرى تعديلات عليها في بعض البنود، لتخرج صيغة موحدة سينقلها وزير الخارجية الى المجتمعين في مجلس وزراء الخارجية العرب يوم غدٍ السبت.

إلا أن معلومات موقع “الجريدة” تشير الى أن “صيغة الرد النهائية تخضع للتنقيح واللمسات الأخيرة في وزارة الخارجية، لا سيما في بند سلاح حزب الله والقرارات الدولية”.

وتشير أوساط الرئيس ميقاتي لـ”الجريدة” الى أن “الخطوط العريضة للرد اللبناني أصبحت شبه واضحة، إنما الجواب النهائي قيد التحضير، بالتشاور ما بين وزير الخارجية والرؤساء”.

ووفق المعلومات، فإن لبنان سيؤكد في الرد تمسكه باتفاق الطائف، وبالقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701 الذي يؤمن الاستقرار في الجنوب منذ العام 2006 حتى اليوم، رغم التوترات والخروقات التي تحصل بين الحين والآخر. وكذلك سيجدد لبنان التأكيد على تمسكه بأفضل العلاقات مع محيطه العربي، والخليجي خصاصاً، والسعودية تحديداً، وكذلك مع العالم، والنأي بالنفس، ومكافحة تهريب المخدرات. لكن لبنان سيطلب من المؤتمرين تفهّم دقة وحساسية وتركيبة الواقع اللبناني، وسيطلب منهم مساعدته في عقد حوار عربي ـ لبناني حول مسألة سلاح حزب الله، وتقوية الجيش اللبناني لكي يصبح قادراً على حماية لبنان، لا سيما أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لا تزال محتلة من العدو الإسرائيلي.

فهل سيقنع الرد اللبناني دول الخليج، والسعودية تحديدًا؟ وكيف سيكون الرد العربي في البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب؟ هل سيكون تصعيدياً، أم متفهماً للأوضاع الداخلية؟

ترافقت زيارة وزير خارجية الكويت الى بيروت مع التهديد بجولة عقوبات جديدة اذا لم يلتزم لبنان بالبنود الـ12، لا سيما وقف التحويلات المالية الى لبنان من دول الخليج، ومنع التبادل التجاري والتعامل المصرفي معه، وصولاً للتهديد بترحيل اللبنانيين المقيمين في الخليج، بموازاة التهديد بنقل ملف لبنان الى مجلس الامن في جلسته في آذار المقبل.

مصدر سياسي يشير لموقع “الجريدة” الى أن “دول الخليج تدرك أن وضع ملف سلاح الحزب على بساط البحث، والعودة الى مرحلة الانقسام السياسي حوله، لن يؤدي الى نتائج عملية، سوى ادخال لبنان في آتون خلاف وصراع سياسي جديد سينعكس على الشارع”. ولذلك يعتقد المصدر أن “المبادرة الكويتية تهدف الى فتح حوار وربط نزاع مع حزب الله، عبر الحكومة اللبنانية، ولا يهدف الى تفجير الساحة الداخلية”. ويضع المصدر حملة التهديد في اطار الحرب النفسية والإعلامية لتعزيز الموقف التفاوضي، للتوصل الى تسوية مع الحزب، تتضمن انسحاب الحزب من سوريا وتنازله في ملف ترسيم الحدود! “وهو ما يصب عملياً في مصلحة إسرائيل”، وفق ما يقول المصدر السياسي، “وإلا لماذا لم تلجأ دول الخليج الى هذا المستوى من العقوبات في ذروة الأزمة مع لبنان، غداة كلام الوزير السابق جورج قرداحي؟ ما يؤكد بأن الأزمة آنذاك كانت مفتعلة لرفع السقف التصعيدي، للوصول الى لحظة التفاوض عبر المبادرة الكويتية”.

لكن ماذا عن الموقف الأميركي؟ وهل يمكن أن تقفز دول الخليج عن السقف الأميركي المرسوم للساحة اللبنانية؟

يضيف المصدر أن “الموقف الخليجي لن يخالف التوجهات الأميركية، بل هو استكمال لها، كما أن المبادرة الكويتية منسقة مع الأميركيين”.

وما يعزز الاعتقاد بذلك، ما كشفه المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن “موضوع لبنان كان مدار بحث مع وزير خارجية الكويت، خلال الحوار الاستراتيجي الأميركي ـ الكويتي الذي عقد هذا الأسبوع في واشنطن”.

وحول ما إذا كانت المقترحات العربية التي قدمتها الكويت للبنان منسقة مع الإدارة الأميركية قبل عرضها على لبنان، قال برايس: “لدينا علاقة قريبة جداً مع الكويت، وهناك تنسيق عميق ومنتظم مع شركائنا الكويتيين”.

كلام المسؤول الأميركي، يؤكد وجود تنسيق بين واشنطن ودول الخليج. وبالتالي المرجح أن لا يذهب الخليجيون بعيدًا في الضغط على لبنان، اقتصاديًا واجتماعيًا، انسجامًا مع التوجه الأميركي الجديد بالسماح ببعض الانفراجات، كنقل الغاز المصري والكهرباء من الأردن الى لبنان عبر سوريا، منعًا لأي خطوة تصعيدية مقابلة من حزب الله، على غرار استيراد بواخر المحروقات من ايران.

والمتوقع، بحسب المتابعين، أن لا يتعدى الموقف العربي ـ الخليجي، سقف الموقف السياسي، لا سيما اعتباره أن “ايران تسيطر على لبنان عبر حزب الله الذي يقوم بأعمال إرهابية”، ومطالبة الحكومة اللبنانية “بتقويض دوره في الساحة العربية وتنفيذ القرارات الدولية”. لكن، مع منح هامش لبعض دول الخليج في العلاقة مع لبنان، وهذا ما عكسه قرار الكويت الأخير بالعودة لمنح اللبنانيين الاقامات في الكويت، أما عودة العلاقات الديبلوماسية الخليجية مع لبنان فلا تبدو قريبة، بل سيجري ربطها بمدى تنفيذ لبنان ما يطلبه الأميركيون والخليجيون بشأن حزب الله.