قائد الجيش والممدِّدون.. خسروا بالتمديد!

| رندلى جبور |

فيما كان النواب الذين مدّدوا لقائد الجيش العماد جوزف عون يصفقون لما اعتبروه انتصاراً في القاعة العامة للبرلمان، وفيما كان مستشارو القائد يهللون مزهوّين لما ظنّوا أنه إنجاز، يمكن في القراءة السياسية اعتبار الممدّدين، والممدَّد له، خاسرين، وذلك وفق التالي:

أولاً ـ ظهر النواب الممدِّدون، الذين يُفترض أن يكونوا الأكثر حرصاً على الدستور والتشريع والشرعية، بأنهم أول من طعن الدستور المبني على تداول السلطة، وأول من خالف روحية التشريع القائمة على الشمولية، وأول من ضرب الشرعية من بيت أبيها بسنّ قوانين على قياس أشخاص بعينهم.

ثانياً ـ ظهرت حقيقة جزء من هؤلاء النواب الذين يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر، في تناقض واضح، وازدواجية فاضحة. فمن كان يرفع الصوت ضد التشريع في ظل غياب رئيس للجمهورية، ركض إلى مجلس النواب وشرّع. ومهما برروا لأنفسهم، تبقى الحقيقة واحدة وهي أنهم “مصلحيون” وغير مبدئيين في تعاطيهم السياسي، وفقدوا مصداقيتهم أكثر فأكثر، فقالوا الشيء وفعلوا نقيضه.

ثالثاً ـ على عكس ما يعتقد البعض، فإن الخاسر الأكبر هو الذي ظن أنه انتصر، أي جوزف عون. فالقائد ظهر بصورة المتمسك بمنصب، لا الحريص على دستور أو قانون أو مؤسسة. وبدلاً من أن يخرج بموقف رافض للتمديد له احتراماً للأصول الديمقراطية والمؤسساتية، رأيناه يسعى هنا وهناك ليبقى في منصبه. وهو بالتالي صار رهينة “خارج” ضغط للتمديد له، انطلاقاً من مصلحة هذا “الخارج” لا مصلحة لبنان، وخصوصاً في ملف إبقاء النازحين على أرضنا بدلاً من إرسالهم إلى أوروبا التي لا تريد إعادتهم إلى سوريا، وصار أداة بيد المجموعة السياسية الداخلية التي قدّمت له هدية التمديد، وفقد بالتالي صفته الجامعة، ليصبح تابعاً، ولاعباً في السياسة، لا قائداً لأهم مؤسسة وطنية.

هذا إن لم نتحدث عن خسارته النقاط في معركة رئاسة الجمهورية، إذ إن بقاءه في اليرزة يبقيه بعيداً عن بعبدا، وليس العكس.

وقد يستغرب البعض القول إن جبران باسيل و”التيار الوطني الحر” هما الرابح الأكبر، لأنهما ربحا في معركة بقائهما على موقفهما المبدئي ضد التمديد، وظهرا أنهما الأحرص على الدستور والقوانين، والأكثر انسجاماً مع ما يقولانه.

والأيام آتية لتثبت أن التمديد ضربة للممدّدين، وللقائد وصورته، وليس انتصاراً.

وسيسجل التاريخ أن نواباً لطخوا أياديهم بمخالفة النظام، وأن قائداً للجيش اختار شخصه على حساب مؤسسة فيها من الكفاءات الكثير، وكان يجب أن يُبقي صورتها ناصعة بلا ملوثات.

(*) الآراء الواردة في المقالات لا تعبّر بالضرورة عن سياسة موقع “الجريدة”