“تمديد” على قياس الطوائف!

| غاصب المختار |

لا يُقاس قانون تأخير تسريح كبار الضباط، في الجيش والقوى الأمنية، مدة سنة، فقط بمدى الربح والخسارة لهذا الفريق السياسي أو ذاك، لأن المعارك السياسية “الهمايونية” قائمة من سنوات على أمور أقل من مخاطر حصول شغور في قيادة الجيش. بل يُقاس أيضاً بمدى الحاجة لملء هذا الشغور العسكري والأمني، تماماً كالحاجة إلى ملء الشغور الرئاسي.

لكن ما حصل أنه جرى تفصيل هذه الأهمية على قياس الطوائف، بحيث جاء التمديد على قاعدة “6 و6 مكرر”، بما يعني تمديد لمسيحي يقابله تمديد لمسلم. وهو أمر يُفقد ملء الشغور بقيادة الجيش أهميته الإجرائية والإدارية والأمنية، ليعطيه صفة “التجارة السياسية والطائفية” التي يتقنها السياسيون.

ولعل مبادرة كتلة “الاعتدال الوطني” إلى طرح تأخير تسريح المدير العام للأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وتبني الهيئة العامة لمجلس النواب هذا الاقتراح، خير دليل على استمرار العمل بالمحاصصة الطائفية، خصوصاً أن التمديد شمل الضباط من رتبة لواء وما فوق، بما يشمل أيضا المدير العام للأمن العام والمدير العام لأمن الدولة وضباط الجيش الباقين برتبة لواء في المجلس العسكري.

والأمر ذاته ينطبق لاحقاً على شغور منصب مدعي عام التمييز الذي يشغله حاليا القاضي غسان عويدات الذي يُحال إلى التقاعد في شباط المقبل، بحيث بدأ “ضرب الأخماس بالأسداس” حول من سيحل محله، مسلم سني أو شيعي أو مسيحي أو من طائفة أخرى؟! علماً أن المجال ما زال مُتاحاً أمام درس المخارج القانونية المعتمدة: تعيين في الحكومة أو انتداب قاضٍ بديل، أو تكليف قاضٍ بالإنابة، أو تولي القاضي الأعلى درجة.

وثمة مواقع أخرى شاغرة، لا تقل أهمية، كرئيس أركان الجيش، أو ستشغر قريباً في مؤسسات الدولة، لم يتم التطرق إليها لأسباب كثيرة، لعل أهمها أن حكومة تصريف الاعمال عاجزة، نتيجة الخلافات والانقسامات السياسية والطائفية، عن تعيين حاجب أو مأمور أحراج أو موظف من الفئتين الرابعة والخامسة، فكيف بموظفي الفئة الاولى؟!

وعلى هذا، ستبقى إدارات الدولة، المدنية وغير المدنية، خاضعة لنكد السياسيين ومزاجهم، بدل خضوعها لأحكام القوانين، وللضرورة المطلوبة لاستمرار عمل المرفق العام، كما يقول السياسيون صبح مساء، ولا يطبقون ما يقولونه إلّا “غبّ الطلب” السياسي لتسجيل النقاط كل طرف على الآخر، بينما تشغر دوائر الدولة من الموظفين الأكفاء، وتقل انتاجيتها، ويبقى المواطن هو المتضرر الأول.