| خلود شحادة |
قفز الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان فوق مهمته الأصلية المتعلّقة بالبحث في ملف رئاسة الجمهورية، إلى التدخل في شؤون داخلية لبنانية، خصوصاً ما يتعلّق بملف قيادة الجيش عبر محاولة تسويق التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جوزف عون الذي يحال إلى التقاعد في 10 كانون الثاني 2024.
لكن الأخطر في مهمة لودريان هذه المرة، هو التحذير الذي حمله للبنان كمقدمة لتسويق طرح سياسي يتعلّق بجنوب لبنان، استناداً إلى اتفاق فرنسي مع الاحتلال الإسرائيلي يترجم التماهي الفرنسي مع الاحتلال.
وفيما كانت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولوناد تتفق مع وزير خارجية كيان الاحتلال الإسرائيلي إيلي كوهين على “التعاون لفرض منطقة عازلة في جنوب لبنان” تحت مظلّة القرار 1701، كان المبعوث الفرنسي يبلغ المسؤولين اللبنانيين في بيروت تهديداً بفرض تطبيق القرار 1701 وفق الفصل السابق من ميثاق الأمم المتحدة، بحسب معلومات خاصة لموقع “الجريدة”.
وقد كشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن اتفاق بين وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي ووزيرة الخارجية الفرنسية على “تشكيل فريق سياسي أمني مشترك للبلدين، سيعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1701، خصوصاً في البند المتعلّق بإخلاء المنطقة الحدودية في جنوب لبنان من مقاتلي حزب الله”.
ويأتي قرار التعاون على خلفية الجهود “الإسرائيلية” الرامية إلى خلق جبهة دبلوماسية تقود “حزب الله” للابتعاد إلى ما بعد نهر الليطاني. وهذا هو أول إجراء تتخذه فرنسا ضد “حزب الله”.
وتضيف الصحيفة أن فرنسا عضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتتمتع بوضع خاص في لبنان. وفي الأسابيع الأخيرة حاول الاحتلال الإسرائيلي تسخيرها للتحرك ضد “حزب الله”.
وبالتوازي، طلب وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن الخاص إلى المنطقة، عاموس هوشكتاين، المساعدة في مجلس الأمن الدولي لفرض تطبيق القرار 1701 على لبنان.
ويبدو أن الترجمة العملية للاتفاق الفرنسي ـ الإسرائيلي قد بدأت فعلياً بزيارة لودريان إلى لبنان، من خارج السياق المتعلق بملف رئاسة الجمهورية، حيث تشير المعلومات الخاصة بموقع “الجريدة” أن لودريان أبلغ عدداً من المسؤولين اللبنانيين ما يشبه “القرار” في الدول الغربية بإقامة “منطقة عازلة” في جنوب لبنان بعمق يتراوح بين 20 و25 كلم داخل الأراضي اللبنانية بعيداً عن الحدود مع فلسطين المحتلة، والتي تعني تحديداً منطقة “جنوب الليطاني”.
وكشفت معلومات “الجريدة” أن لودريان صاغ تحذيره بلغة التهديد بأن هناك توجهاً لدى الدول الغربية لوضع “تطبيق القرار 1701 تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة”.
ولوّح لودريان، وفقاً للمعلومات، بأن عدم التزام لبنان بإنشاء منطقة عازلة جنوب الليطاني، “قد يسمح لإسرائيل بشن عملية عسكرية ضد لبنان لفرض أمر واقع مختلف عن السائد حالياً، بما يؤدي إلى إبعاد مقاتلي “حزب الله” عن المنطقة الحدودية، ويفرض على مجلس الأمن الدولي التعامل مع الواقع الجديد قبل انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة.
وقد عبّر لو دريان عن هذا التوجّه علناً عندما حذر في تصريحاته من “الخطر الجسيم” الذي يخيم على لبنان، ودعوته الحكومة اللبنانية إلى “تحمل مسؤوليتها وتنفيذ القرار 1701 كما يتطلب منها”.