| جورج علم |
هل تستضيف بيروت قيادة “حماس”؟
الجواب عند العديد من البعثات الدبلوماسيّة، حيث يسعى رهط من السفراء إلى البحث عن معلومات في مجالس المسؤولين، وقادة الأحزاب، للوصول إلى ما يبنى عليه؟
إختيار بيروت “كحاضنة”، إقتراح طرح خلال مسار المفاوضات التي قادت إلى الهدنة، والإفراج عن رهائن.
ولد الإقتراح من رحم السوابق. أرغم “أيلول الأسود” في الأردن عام 1970 قيادة “منظمة التحرير الفلسطينيّة” على مغادرة عمّان إلى بيروت، فهل يرغم “طوفان الأقصى”، وما إستتبعه من مجازر في غزّة، قيادة “حماس” على الإنتقال من القطاع إلى بيروت؟
الإحتمال مستبعد لغاية الآن. ولكن سفراء الولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي ينشطون قي العديد من عواصم دول المنطقة، لتلمّس طرف الخيط، ومتابعة متاهاته. وما هو مؤكد لغاية الآن أن الإقتراح أكمل جولته الأولى على عواصم الدول المعنيّة والمؤثرة، وفي الطليعة واشنطن، القاهرة، أنقرة، الدوحة، القدس المحتلّة، طهران، وعواصم أخرى… لكنّها لم تكن حاسمة، وهو بحاجة إلى جولات أخرى، و”جوجلات” للأفكار، والمعايير التي قد تستند اليها أي تسوية كبرى يُعمل عليها راهناَ.
وكانت الإدارة الأميركيّة قد أصدرت ملحقاً لموقفها السابق. لم تعد تحبّذ إستئناف حرب الإبادة في غزّة. لم تعد متمسّكة بمخطط تهجير الغزّاويّين إلى أماكن أخرى. باتت مقتنعة بأنه من الصعب، لا بل من المستحيل، القضاء على حركة “حماس”.
وتلتقي مع العدو الإسرائيلي في أن لا يكون لـ”الحركة” أي دور في حكم القطاع مستقبلاً، ولا مانع لديها من أن تتحوّل بعض عواصم دول المنطقة إلى “مقرّات لجوء”!
مصر، وبعد المواقف المتلاحقة التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ترفض بالمطلق أي لجوء. لا يحتاج الخطاب المصري إلى تعليل أو تحليل. القاهرة ضد تهجير القطاع من سكانه. وترفض أن تكون سيناء البديل عن غزّة، وتتطلّع بقوة إلى “حل الدولتين”.
عمّان، شبكت موقفها مع الموقف المصري، إنها في المنطقة الحمراء، وهي مستنفرة بكل الإمكانات، وعلى أعلى المستويات، لحماية حدودها، وأمنها، وإستقرارها، وتجاوز هذا الإعصار بأقل الأضرار الممكنة.
الدوحة تستضيف. وليس لديها عقدة خوف أو خجل، وبعض قادة “الحركة” يتمتعون بكرم الضيافة. وكان شرطها الأول قبل قبولها القيام بأي وساطة للإفراج عن الرهائن، حصولها على تعهّد خطّي من “الموساد” الإسرائيلي، والمخابرات المركزيّة الأميركيّة، بعدم التعرض لقادة “حماس” في قطر، على خلفيّة التهديدات التي أطلقها بنيامين نتنياهو بالقضاء على “الحركة”، وتصفية قادتها.
في بيروت الحسابات مختلفة. عاصمة مضيافة، وأبوابها مشرّعة أمام قادة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في زيارات متلاحقة، وجلسات عمل متواصلة مع قيادة “حزب الله”، ونشاط معلن بالصوت والصورة قبل “طوفان الأقصى”. وخلال عدوان غزّة، لم يتوقف الحراك، بل تضاعف. كان لـ”الحركة” وجود في الميدان على جبهة الجنوب، ولو بشكل مدروس، ومقنّن. كما كان لقادتها إجتماعات في بيروت، وغير منطقة من لبنان. وكان لـ”حزب الله” موقف واضح، و”ضمانة” محصّنة بوعد أطلقه الأمين العام السيّد حسن نصر الله، محذّرا قادة العدو “أي إستهداف لقادة حماس في لبنان، سيقابل بالمثل”.
ويبقى السؤال: هل تكون بيروت، كما الدوحة، عاصمة “اللجوء، في ظلّ المفاوضات المتنقلة بين واشنطن والعديد من عواصم دول المنطقة بحثاً عن تسوية كبرى؟
طهران لم تحسم قرارها، ولم تقل كلمة الفصل بعد. وبقدر ما ترحّب فإنها تتحفّظ، وخشيتها أن تتغيّر الظروف، والمعادلات، وتنقلب الأدوار يوماً، وتتحوّل “الحركة” من حليف طبيعي لـ”حزب الله”، إلى منافس له، ومزاحم لدوره على المستويين الفلسطيني، والإقليمي.
ويقول دبلوماسي عربي متابع: “عليك أن تقرأ ما خلف السطور. زار وزير خارجيّة إيران حسين أمير عبد اللهيان بيروت، وتوجّه على الاثر إلى الدوحة، وفور مغادرته توجّه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى أنقرة حيث إجتمع إلى الرئيس رجب الطيّب أردوغان تحت شعار “إبعاد كأس غزّة المرّ عن لبنان”. ما بين أنقرة والدوحة، علاقات ممتازة، ومعاهدات أمنيّة، وإتفاقيات إستراتجيّة، فهل ينجح الرئيس ميقاتي في مسعاه خصوصا وإنه سبق له أن زار الدوحة في الماضي القريب؟