الحرب الإقليمية نحو التوسع.. والمصير بيد أميركا!

| غاصب المختار |

تعددت القراءات لخطاب السيد حسن نصر الله في مهرجان تكريم شهداء المقاومة على طريق القدس.

لكن ثمة إجماع بين الصديق والخصم والعدو، على أنه خطاب تهدوي لكن بنبرة عالية تحذيرية، بحيث أنه لم يعلن فتح جبهة الجنوب على مصراعيها، ولم يعلن وقف أو تخفيف العمليات العسكرية التي تنفذها المقاومة ضد كل مواقع الاحتلال على طول خط الجبهة، بدليل مهاجمة العديد من المواقع اليوم السبت، وضمن السياق ذاته المعتمد منذ دخول “حزب الله” معركة “طوفان الاقصى” لتخفيف الضغط عن جبهة غزة.

لكن الملفت للإنتباه النبرة التحذيرية القوية التي خاطب بها السيد الإدارة الأميركية التي تحشد أساطيلها في البحر المتوسط قبالة لبنان وفلسطين، وهي نبرة تحمل التهديد السياسي والعسكري، معطوفة على وقائع ميدانية مستمرة بضرب المقاومة للقواعد الأميركية في سوريا والعراق وإطلاق الصواريخ بعيدة المدى من اليمن نحو مواقع العدو في “إيلات”، وعلى كلام واضح بأن المقاومة في لبنان “أعدّت لهذه الاساطيل عدّتها”.

في عمق كلام السيد أن الحرب الصهيونية الهمجية على غزة تجاوزت القطاع المحاصر وفلسطين إلى حرب إقليمية محدودة، يمكن تسميتها بأنها حرب دعم وإسناد لمقاومي غزة لا حرب مواجهة مفتوحة.

ولكن حتى هذا القدر من الدعم المحدود لغزة لا يمنع احتمال توسع الحرب الاقليمية أكثر، في حال تمادي جيش الإحتلال في عدوانه على لبنان وفلسطين وسوريا، بطريقة تتجاوز المتعارف عليه إلى حد خرق الخطوط الحمر المرسومة.

ومن هنا كانت المساعي والنصائح الأميركية بشكل خاص، والغربية عموماً، لكلٍّ من لبنان ومقاومته وللكيان الإسرائيلي بضبط الأمور ضمن السياق المقبول.

بيد أن مجازر “إسرائيل” في غزة خلال يوم أمس، وبحضور وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في القدس، ولقائه مع نتنياهو، تُشير إلى أحد الأمرين:

– إستمرار الإجازة الأميركية للعدو باستباحة كل المحرمات وقواعد الحرب وقوانينها.
– عدم تجاوب نتنياهو مع الطلب الأميركي بتحييد المدنيين قدر الإمكان، نتيجة شعوره بمرارة الهزيمة وكسر “هيبة إسرائيل وجبروتها”، ما يدفعه إلى ممارسة الحد الأقصى من العدوانية الهمجية، لتحقيق ولو مكسب واحد قد يسهم في تعويم شعبيته المنهارة، قبل انتهاء حياته السياسية كلياً بسبب إخفاقات “إسرائيل” في”طوفان الاقصى”.

وفي كلتي الحالتين، تبقى الإدارة الأميركية مسؤولة عن تصرفات نتنياهو، نتيجة الدعم غير المسبوق الذي حصل عليه منذ بداية عدوانه على غزة وحتى يوم أمس، حيث كرر بلينكن مقولة “حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها”، ولو أنه طلب بخجل ومن دون ضغط كافٍ وقف المجازر بحق المدنيين.

في ظل هذه الوقائع القائمة من لبنان إلى فلسطين والعراق وسوريا واليمن، ستبقى المنطقة على فوهة بركان غير هامد قد ينفجر بأي لحظة، ويهدد استقرار المنطقة ككل ما لم تراجع الإدارة الأميركية سياستها تجاه دول المنطقة وبخاصة تجاه القضية الفلسطينية، إذ لا يكفي أن يعلن بلينكن أمام نتنياهو أن وقف الحرب يكمن في العودة إلى “حل الدولتين”.

المطلوب اليوم، حركة أميركية ناشطة دولية وإقليمية تدفع بزخم بإتجاه وقف الحرب ونحو “حل الدولتين” المتاح حالياً، في ظل الوضع العربي المتهالك، عبر الإعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة كما يريدها الشعب الفلسطيني، لا كما تريدها أميركا وإسرائيل وبعض الدول العربية.