الإثنين, ديسمبر 15, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةشريط الاحداث"العربية" بتتكلّم "عبري"!

“العربية” بتتكلّم “عبري”!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

/ نزار نمر /

 

لم تخسر من مشاهديها فحسب، بل تواجه أيضاً دعوات لمقاطعتها في عصر السوشال ميديا. أداء الشبكة السعودية في الإبادة الجماعية التي تقترفها “إسرائيل” في غزّة، يندى لها الجبين. تحوّلت “العربية” في الأسابيع الماضية إلى منصّة تخدم صورة العدوّ، قبل أن تذهب حدّ المجاهرة بمواقفها المنحازة إلى كيان الاحتلال، وكلّ ذلك معلّب ضمن شعارات “السلام”

منذ تأسيسها قبل عشرين عاماً، دخلت قناة “العربية” السعودية على خطّ المنافسة إلى جانب “الجزيرة” القطرية، التي كانت قد انطلقت منتصف التسعينيات، وتربّعت على رأس قائمة منافذ الجمهور العربي الإخبارية، وغطّت أحداثاً مفصلية في المنطقة بما فيها تحرير الجنوب اللبناني و”انتفاضة الأقصى”.

أطلّت “العربية” برأسها، فشخصت الأنظار نحو الفضائيتين معاً، وخصوصاً في المحطّات المفصلية، بدءاً باجتياح العراق وصولاً إلى “حرب تمّوز”، وباتت المنافسة على أشدّها.

لكن مع قدوم “الخريف العربي”، اصطفّت القناتان إلى جانب الولايات المتّحدة وأدواتها، بما فيها الجماعات المسلّحة والكيان الصهيوني، فخسرتا الكثير من مشاهديهما، كما قنوات عربية أخرى ركبت قطار الثورات الملوّنة والحروب المخطّطة في مطابخ استخباراتية أجنبية. ولئن لم تغيّر “الجزيرة” من لهجتها تجاه فلسطين طوال السنوات الماضية، إلا أنّ ذلك لم يُعِد لها ما خسرته من مشاهدين، إلى أن أتى “طوفان الأقصى” أخيراً. أمر لم ينسحب على شقيقتها التي أظهرت أنّها لا تكترث لا لفلسطين ولا حتّى للمشاهدين الذين عبّروا عن سخطهم من أدائها، بقدر ما تهمّها مصالح القيادة السعودية التي بدورها لا تنسى الحسابات السياسية الضيّقة حتّى في أحلك الظروف وأكثر القضايا توحيداً للعرب.

هكذا، تحوّلت “العربية” في الأسابيع الماضية إلى منصّة تخدم صورة العدوّ، فسخّرت نفسها لاعباً في حربه النفسية عبر محاولة إظهار نفسها “محايدة” أوّلاً قبل أن تذهب حدّ المجاهرة بمواقفها المنحازة إلى كيان الاحتلال، وكلّ ذلك معلّب بشعار “السلام”.

طفح كيل الناشطين مع إيراد القناة خبراً عن قيام الغزيين بسرقة مخازن “الأمم المتّحدة”

بسبب أدائها، لم تخسر القناة من مشاهديها فحسب (ما يعني خسارتها المنافسة مع “الجزيرة” تلقائيّاً)، بل باتت أيضاً عرضة للانتقادات ودعوات المقاطعة في عصر السوشال ميديا. لم نكن يوماً أمام ما يشبه المشهد الحالي على مواقع التواصل الاجتماعي من فضح الأجندات المخفية والأخطاء التي تحصل على القنوات عمداً أو سهواً، وكان أسهل بكثير سابقاً بثّ الأخبار الكاذبة من دون قدرة لمَن يعرفون الحقيقة على المواجهة والتوعية كما يحصل اليوم. بذلك، امتلأت الصفحات بسقطات “العربية”، وبعض هذه “الأخطاء” وُصف بالخبيث بسبب ضآلة احتمال وقوعه سهواً كونه يعكس سياسةً تحريريةً واضحة.

تجلّيات التغطية المنحازة تبدأ بالمصطلحات المستخدمة. تعكف “العربية” على استخدام تعابير مثل “الحرب” و”النزاع” وكأنّها حرب بين طرفَين متساويَين في القوّة، لا عدوان مجرماً على مدنيّين أبرياء وإبادة جماعية بحقّهم. تستخدم تعابير “مليشيات” للإشارة إلى حركات المقاومة، فيما تُشير إلى الأراضي المحتلّة على أنّها “إسرائيل” (وهو ما تفعله أيضاً قنوات عربية عدّة) وإلى جيش العدوّ على أنّه “جيش الدفاع” الذي تنقل عنه أخباراً كثيرة وتستضيف المتحدّث باسمه كما تستضيف إسرائيليّين وصهاينة آخرين (أمر تقوم به قنوات عربية أخرى كذلك، بما فيها “الجزيرة”، لكن ليس بالوتيرة ذاتها ولا بالاحترام ذاته تجاه ما يقولونه). في هذا السياق، أتت مقابلة الإعلامية اللبنانية في القناة ليال الاختيار مع المتحدّث باسم جيش العدوّ أفيخاي أدرعي ونعتها إيّاه بـ”أستاذ أفيخاي”، مع ما رافق ذلك من انتقادات وضجّة. لم تكن تلك المقابلة سياقاً منفصلاً عن سياسة المحطّة، بل صورة عنها. ورغم كلّ الانتقادات، عادت الإعلامية واستضافت المتحدّث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية للإعلام العربي أوفير جندلمان، وعادت واستخدمت لقب “أستاذ”!

سقطة أخرى كانت محطّ انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي قول مراسل «العربية» في غزّة أحمد حرب «11 شهيداً» (فلسطينيّاً) في تغطية مباشرة، قبل أن يستدرك بعد ثوانٍ و«يصحّح» فيقول «11 ضحية، عفواً». عبارة «عفواً» هي التي أثارت غضب ملايين العرب، واعتبرها الناشطون دليلاً على سياسة المحطّة ووجود قرار واضح بـ«الحياد». ولم تتوقّف السقطات هنا. يوم السبت الماضي، بثّت القناة مقطعاً زعمت أنّه يُظهر اشتباكات عنيفة بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية شرق مخيّم البريج في غزّة، قبل أن يتبيّن أنّه يعود إلى تبادل إطلاق نار بين عشيرتَين عراقيتَين في عام 2021، كما أشار ناشطون أرفقوا الرابط إلى المقطع الأصلي لإثبات ذلك.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img