حذّر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي من تمرير قرارات ماليّة في الموازنة أشبه بسلسلة رتب ورواتب جديدة مقنّعة، قائلا: “نحن، في لبنان بحاجة إلى حياة جديدة تبثّ روحها لدى المسؤولين السياسيّين، ولدى كلّ المتعاطين الشأن السياسيّ، لكي نخرج من مآسينا المتفاقمة والمتزايدة منذ ما يفوق الثلاثين سنة. هذه الروح تحثّ المسؤولين على إحياءِ المؤسّساتِ الدستوريّة، وانعقاد مجلس الوزراء طبيعيًّا، وإجراء الإصلاحات، والاتفاق مع صندوق النقد الدوليّ، ووقف الفساد، وتوفير الظروف السياسيّة والأمنيّة لإجراء الانتخابات النيابيّة والرئاسيّة في مواعيدها الدستوريّة، واستكمال التحقيق العدلي الجاري في تفجير مرفأ بيروت”.
وأشار إلى أنه “يجب عليهم الاستفادة من الوفود النيابيّة والوزاريّة الصديقة التي تزور لبنان داعمةً له، والتعاون مع هؤلاء الأصدقاء الذين يحاولون إبعاده عن انعكاساتِ ما يَجري في الشرقِ الأوسط وحولِه، وتحييدَه عنها ليعيدَ اللبنانيّون تنظيمَ شراكتِهم الوطنيّةِ واستعادة سيادة وطنهم واستقلاله واستقراره. إنَّ جميعَ أصدقاءِ لبنان وأشقّائه المخلصين يؤمِنون بحيادِ لبنان، لكنَّ المؤسف أنَّ هذا المفهومَ المنقذ يغيب عن لغة المسؤولين اللبنانيّين وعن خطاباتهم وطروحاتهم ويُبقون البلادَ رهينةَ المحاورِ الإقليميّة”.
وأضاف: “لقد سبق وأعلنّا أنَّ الحياد ملازم وجود لبنان، وهو ملح أيّ نظام سياسيّ عندنا، أكان مركزيا أم لامركزيًّا أم أيَّ شكل آخر، ويحصر الخلافات، ويُزيل أسباب النزاعات، ويوطّد الشراكة الوطنيّة بين جميع المكوّنات ويُنقّي علاقات لبنان مع محيطه والعالم، ويضعه على نهج السلام الأصيل الذي هو أساس دوره ورسالته”.
وفال: “من ناحية أخرى، فيما الحكومة ستقرّ بدءًا من الغد موازنة الدولة، يطلب المواطنون من الحكومة أن تنظر بعدل إلى أوضاعهم وهم رازحون تحت الفقر والجوع والبطالة وفقدان الضمانات الصحيّة، وإنّنا نحّذر من محاولة تمرير قرارات ماليّة في الموازنة، أو بموازاتها، تكون أشبه بسلسلة رتب ورواتب جديدة مقنّعة، وبفرض ضرائب ورسوم مُموَّهة”، مشيرا إلى أن “فرض الضرائب والرسوم يتمّ في مرحلة التعافي لا في مرحلةِ الانهيار، وفي طور النموّ لا في طور الانكماش، ويَتمُّ في إطارِ خطّة إصلاح شامل، في ظلّ سلطة حرّة تحوذ على ثقة شعبها وثقة المجتمعَين العربيّ والدولي، فالإصلاح الاقتصاديّ يبدأ بإصلاحِ النهج السياسيّ والوطنيّ لا بتكبيد الشعب ضرائب غبّ الطلب”.