| غاصب المختار |
تعبت دول الغرب وأتعبت لبنان معها لكثرة المراجعات مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة ووزير الخارجية، من أجل السعي لعدم توسيع الحرب الاسرائيلية العدوانية على قطاع غزة، لتشمل قطاعات جنوبي لبنان، ومحاولة معرفة موقف “حزب الله” من هذا الموضوع، بالرغم أن الحزب مازال يتصرف ميدانياً وعلى مرأى من كل العالم، وفق قواعد الاشتباك المعمول بها منذ سنوات، بقصف مواقع عسكرية لا اهدافاً مدنية كما يفعل العدو الاسرائيلي مؤخراً، بقصف مناطق سكنية في القرى، وتعمّد قتل المدنيين وإحراق الأحراج في القرى الحدودية.
لكن بالمقابل، لم يحصل الغرب على أي جواب شافٍ، كما أن الاعلام العبري أفاد أن “لا أحد في إسرائيل يعرف تقدير نوايا حزب الله حتى الآن”، وهذا ما يزيد في قلق الغرب لا سيما الإدارة الاميركية، التي لا تنفك تطلق مواقف تحذيرية شديدة اللهجة كما الكيان الاسرائيلي تجاه لبنان.
أوروبا وضعت كل ثقلها السياسي والعملاني والاعلامي بخدمة “إسرائيل”، وأحياناً العسكري، كما فعلت ألمانيا قبل أيام بتزويد سلاح الجو الاسرائيلي بأحدث طائرات استطلاع من دون طيار.
موفدو الغرب تذكروا لبنان في هذه الأيام الحالكة، فجاؤا فرادى ووفوداً ناقلين التحذير تلو التحذير، عدا ما ينقله السفراء المعتمدون في بيروت صبح مساء، من “مغبة المخاطر التدميرية على لبنان في حال دخلت المقاومة فيه الحرب على نحو واسع”.
آخر محاولات الغرب كانت عبر الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير خارجية بريطانيا جيمس كليفرلي يوم الجمعة، بالرئيس نجيب ميقاتي، وبعد اتصال نظيره الأميركي انطوني بلينكن قبل ايام، وبعد زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى بيروت، لكن المفارقة أن الموفدين والمتصلين أداروا الأذن الطرشاء لما يقوله المسؤولون اللبنانيون. حيث أفادت مصادر رسمية مقربة من السرايا الحكومية لموقع “الجريدة”، أن الوزير البريطاني نقل إلى ميقاتي أيضاً الموقف الاوروبي ذاته الذي نقله الفرنسي والألماني والأميركي وغيرهم، “ضبط الأمور في الجنوب، وعدم التساهل في منع توسع الحرب، ولجم الجماعات المسلحة التي تطلق الصواريخ نحو الأراضي المحتلة، وإلّا ستحصل كوارث على لبنان”.
لكن الرئيس نبيه بري، كرر، كما ميقاتي ووزير الخارجية، مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على “إسرائيل” لوقف عدوانها على غزة، واحترام الكيان الاسرائيلي للقانون الدولي الانساني، ووقف اطلاق النار وفتح الممرات الآمنة لدخول المواد الطبية والغذائية والعينية والمحروقات.
وطلب ميقاتي من الوزير كليفرلي ممارسة أقصى الضغوط على “إسرائيل” لوقف العدوان على غزة، والتزام القرار الدولي 1702،ومنع خروقاتها للسيادة اللبنانية والتحرشات والاستفزازات وقصف المناطق المدنية التي تستدعي رداً من الجانب اللبناني.
هذا الموقف اللبناني الرسمي لم يحرّك في أي دولة غربية ساكناً حيال المجازر الاسرائيلية في غزة، وردع الكيان الاسرائيلي عن قصف المدنيين في لبنان وإلتزام قواعد الاشتباك، التي لا يدري أحد متى تنهار بالكامل وتتوسع المواجهات الموضعية القائمة حتى الآن نحو تطورات دراماتيكية. وكل ما تغيّر في موقف الغرب عموماً والأميركي خصوصاً، هو تراجع اللهجة في المحافل الدولية العلنية من تغطية العدوان بالكامل وبلا ضوابط، إلى مطالبة “إسرائيل” بإحترام قانون الحرب وتحييد المدنيين، لكن من دون أي خطوة عملية في هذا المجال، ومن دون أي تدبير زجري أو تحذيري لوقف المجازر في غزة والتوسع بالقصف في لبنان.
ومع هذا يطالب الغرب لبنان الرسمي “بالإنضباط”، من دون أي خطوة “لضبط” الكيان الإسرائيلي سوى الوعود بالتواصل معه لهذه الغاية، لكن بلا نتيجة فعلية. وهذا ما يّبرر للعدو استمرار المجازر في غزة والقصف الهستيري على لبنان، الذي استهدف مراكز الجيش اللبناني ومسعفي الصليب الاحمر وفرق إطفاء الدفاع المدني، عدا قتل الصحافيين.