“صفقة ثلاثية” لملء الشواغر في المراكز الأمنية

رغم أن لا صوتَ يعلو على صوت الميدان، وترقّب التطورات على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة وما يُمكن أن ينتج عن التطورات في قطاع عزة من تداعيات على الساحة اللبنانية، يشكّل التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون أو تعيين قائد جديد مادة سجال في المشهد السياسي في بيروت، حيث تفرض الظروف عدم الاستسلام لشلّ عمل المؤسسة العسكرية ودخولها في ما يشبه الموت السريري. فمنذ أسبوع بدأ الحراك الجدّي لإيجاد حل للشواغر الأمنية ولا سيما في قيادة الجيش، عشية انتهاء ولاية عون الذي يُحال إلى التقاعد بداية العام الجديد. واصطدم الحراك منذ يومين بالمراسلة العاجلة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزيرَي الدفاع موريس سليم والعدل هنري خوري وقيادة الجيش، ما دفع بالوزير سليم إلى إبداء اعتراضه على المراسلة مؤكداً استعداده لتقديم الاقتراحات المتكاملة عندما يحين موعد طرحه. كلام وزير الدفاع له معنى واحد، وهو أن محاولات الوصول إلى اتفاق بشأن هذا الأمر لم تصل إلى خواتيمها المرجوّة، وأن الحراك الذي قاده رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قبل أيام في اتجاه القوى السياسية واستبطن البحث في مصير قيادة المؤسسة العسكرية لم يسلك طريقَيْه السياسي والإداري. فإقرار التمديد في مجلس النواب باقتراح قانون يتعلّق برفع سن التقاعد مدة سنة واحدة للضباط من كلّ الرتب (عندها يبقى قائد الجيش الحالي في موقعه وكل العمداء وهذا يشمل جميع الأسلاك الأمنية بمن في ذلك المدير العام لقوى الأمن الداخلي ونائب مدير أمن الدولة) غير قابل للتطبيق بسبب مقاطعة الكتل المسيحية، إذ تؤكد مصادر مطّلعة أن «تسريب كتلة القوات اللبنانية أجواء عن أنها ستحضر جلسة تشريعية ببند واحد هو التمديد لقائد الجيش الحالي غير صحيح، فضلاً عن أن هناك توافقاً وتقاطعاً بين باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية على رفض التمديد لعون».
الاتفاق يصطدم بإصرار باسيل على مرسوم حكومي ممهور بتواقيع كل الوزراء

وعليه تكشف المصادر عن “صفقة ثلاثية” بدأ الهمس بها، تتضمّن تعيينات جديدة في ثلاثة مراكز هي: قيادة الجيش، المديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وهو أمر لا يمانعه باسيل الذي يريد تسمية القائد الجديد، كما لا يمانعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يزكّي اسم رئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود ليحل مكان اللواء عماد عثمان. ويُحكى في هذا الإطار، أن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قد يطالب بتعيين رئيس للأركان يكون مقرّباً منه، بعدما كان أبدى استعداداً للقبول بقائد اللواء الحادي عشر العميد حسان عودة، الذي تربطه علاقة قوية بالعونيين. إلا أن تخريجة هذه الصفقة لم تُحدد بعد، خصوصاً أن كلاً من القوى السياسية تريدها أن تسلك طريقاً محدداً.

فرئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب نبيه بري يفضّلان التمهل، والمباشرة بملء الشغور تدريجياً بدءاً من رئيس الأركان في جلسة لمجلس الوزراء، لن يقاطعها حزب الله، بينما يجهد باسيل للتوسّع باتّجاه ملء الشغور في مجلس القيادة وفي المجلس العسكري، ولا يبدي ممانعة في أن تطاول التعيينات المواقع الأمنية الأخرى، شرطَ أن تقوم الحكومة بالتعيينات وفقَ الصيغة التي كانت سائدة في حكومة الرئيس تمام سلام بصدور المراسيم ممهورة بتوقيع جميع الوزراء، لتثبيت أن أي قرار لا يمكن أن يمر دون تواقيع كل الوزراء أي بحضور وزراء التيار. إلا أن أياً من الأحزاب السياسية «لا يبدو أنه مستعدّ للتجاوب مع مطلب باسيل، والقبول بمعادلات سياسية جديدة تحت ضغط الحرب».